تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

بقلم : ناصر الظاهري

وحده ليل إسطنبول: جميل أن تلتقي بمدينة باعدت بينكما المسافات ستة عشر عاماً، مما تذكر، ويعدّون، تخبئ لها كل هذا الشوق الذي تريد أن تنثره ورداً تحت قدميها مرة واحدة، وتمضي.. تلتقيها والوقت أول الصيف، وآخر الليل، وأول المطر، تجوس فيها وحدك تاركاً الذاكرة تشتعل بالطرق والناس وقصص الزمان، تتوحد بها لا تريد أن يفوتك منها شيء، ليلها الممطر، عطر المساء في المدينة القديمة، التاريخ حين يستند إلى جدار قديم، الحكايات التي تختزنها رؤوس البحارة المغادرين على عجل، كؤوس ناظم حكمت وعزيز نيسين الفارغة، وشوق ذاك الصديق البعيد الذي يتماهى مع الأمكنة، خطوات مولانا جلال الدين الرومي في الفجر، وهو يطرق أبواب المريدين، يحرّض ظلامهم بحروف المعرفة والتقوى وهيبة الشعر.

أول ليلة في إسطنبول، بعد ستة عشر عاماً من الغياب في ذاك الليل الساجي بانهمار المطر والذكريات، والأشياء الجميلة، كان الحضور كثيفاً وصوفياً، وحدها سيدة المقام كانت خارج نطاق حلقة الذكر، وخارج صباح أول يوم في إسطنبول الذي استقبلته على الشرفة المطلة على البسفور، حيث نمت مع قطراته الندية، وأشباح سفن تسرق زرقة البحر في الليل، وتذهب غارقة في الرماد والضباب البعيد، كانت شرفة حَرّية ببحار متقاعد، أقسم أن لا تغيب عن عينيه زرقة البحر، ولا رائحتة التي طالما ملأت رئتيه طوال هذه السنين، وهذه الأسفار، كانت شبيهة بنومة الطفل الصغير التي تذكرها، وأنت تلتصق بالجدار الطيني البارد، محتضناً الراديو القديم، تنام مع قراءات محمود خليل الحصري الليلية، وتستيقظ مع خيط أول الشمس على الصوت البارد، القادم برعشة الصباح لفيروز، كانت ليلة هانئة، ولا أحلام الرضع، في شرفة أسطورية، تاركاً كل الأشياء تتصدع في الغرفة البيضاء الواسعة!

قهوة تركية: رغم عدم ولعي بالقهوة بأنواعها المختلفة، إلا أنني كنت شغوفاً بأن أتذوق القهوة في كل مكان في العالم، فكيف وأنت في تركيا! حيث يفترض أن يكون بيتها، غير أن حظ القهوة التركية «توركيش كوفي» في العالم أكثر من موطنها، جاهلاً سبب هذه التسمية والتصاقها بتركيا، ما عدا في الجانب اليوناني من قبرص، حيث لا يعترفون بمسمى القهوة التركية المعمولة، لأسباب سياسية، لا لأسباب ترجع للكيف، مسمى القهوة التركية وارتباطها في أذهان الناس بهذه التسمية، مرجعه للتقاليد والطقوس التي ترافقها لا زراعتها، مثلها في ذلك مثل القهوة العربية عندنا، غير القهوة القشر في اليمن أو الطقوس القديمة في تحضيرها في إثيوبيا أو كينيا.

المهم جربنا «توركيش كوفي» في موطن الأتراك، ولم نجد شيئاً يميزها، وأنها مثل أي فنجان قهوة آخر، بل إنها على بحر بيروت أحلى وأزكى، فكانت الحصيلة مثلما سماها أحد المتثاقفين، وهو بين العميان، وفي تركيا باشا: «توركيش كوفيش»!

كرنفال أفريقي: ما إن أرى الوفود الأفريقية بملابسهم الكثيرة المتعبة والمزركشة والتي تكفي سبعة أشخاص من أمثالنا، حتى أدرك ما سببته المجاعات التاريخية، والعري الدائم في الأدغال، وظروف الحر والرطوبة في الغابات، فأعذرهم، فهم دائماً فاكهة كل مؤتمر، والذي عادة ما يكون هذا المؤتمر، وكل مؤتمر عندهم حجا وحاجة، حيث يصحبون نساءهم السمينات جداً معهم، بملابسهن الملونة المزخرفة ذات الطابع الناري إلى أي مؤتمر يعقد، سياسي، ثقافي، اقتصادي، مكافحة الشغب، التلوث البيئي، التفرقة العنصرية، نصرة المرأة، جنازة رئيس لا يعرفونه، حقوق الإنسان، المهم يحضر الأخ وزوجته وحقيبتان خفيفتان، ويرجع بسبع سمان، بعد أن يغرقوا قاعة المؤتمرات والقاعة الفندقية طوال أيام المؤتمر بطيف من الألوان: أسود، أحمر، أخضر،أصفر، برتقالي، نيلي، كلها تعمي البصر، وتسبب الحريق و«الصاهر» في المعدة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates