في الصبر وإنا إليه راجعون 1

في الصبر وإنا إليه راجعون (1)

في الصبر وإنا إليه راجعون (1)

 صوت الإمارات -

في الصبر وإنا إليه راجعون 1

بقلم : ناصر الظاهري

كانت تتسرب لكلينا مشاريع قصصية وكتابية، تفرح قلبينا، تبقى الوجبات التي تليق بجثتي صديقين متعافيين، وتبقى المطاعم الدسمة التي تجعل الأيدي الممتدة لوجباتها تلك الرعشة التي لا نتصنعها، ولـ «خليل» رعشة يد وأصابع تضحكني، حين يستقبل عروة باردة أو يلامس يداً مخملية، أو يناظر لصحن آتٍ لطاولتنا، كانت الحياة جميلة وحلوة، وكنّا لا نعفّ عن شيء، تجمعنا «وذافة» من نوع لا نخجل منه، وكانت تعليقات النساء وهن عابرات بعجل أو ماشيات مشية الحجل بلا ريث ولا عجل، مصدر تعليقاتنا الضاحكة.

ياه .. يا خليل كم أفتقد تلك الليالي، صباحات مدن وأمسياتها، وكنت أفتقد حضورك في مدن ليتك كنت فيها ومعي، كنت أسرّب لك شيئاً منها في بريدك الإلكتروني البارد أو في صفحات ليست ورقية كنت تمقتها، لكن الحياة أجبرتك عليها، متخلياً عن تلك الأصابع التي تفرح بخط قلم «البيك» صديق موظف كان يوماً في الداخلية، وفِي مواردها البشرية، كنت وكانت الوظيفة أثقل شيء على الروح، لأنك تعشق التحليق والأمكنة الواسعة، وذاك الفضاء الذي يرجعك لمدينتك «الخليل».

لم تكن كاتباً عادياً، ولم تكن يوماً غير مشاغب باتجاه الحياة ومداها الملون، شخوص قصصك نبعت من رائحة المكان، من عرق عمال كانوا يعيشون ويغبشون نحو رزقهم الحلال، في سوق الخضرة والفاكهة، في وسط عمّان الضاج بحقيقة الحياة، الآن تفتقدك عمّان، ويفتقدك أناسها الحقيقيون، ووقع أحذيتهم الخشنة، وصمتهم المتواري خلف معاناتهم، كنت تقرع أجراساً في نهاراتهم، وتسيّر مواويلك في ساعات النشوة تجاههم، ولهم بذاك الصوت الجبلي الذي يليق بذلك الصدر العريض الذي منحتك إياه الحياة.

سنوات أخيرة، وملحقة، لم أكن أريد أن أرى «خليلي» بغير تلك العافية، حين فقد البنت البكر، وحين غاب في غسيل الكلى، وحين كسر الظهر، وتغيرت تلك المشية المستقيمة التي تليق برجل تجاوز المتر وثمانين، وحب الممشى في الطرقات المبتلة بعشق المطر، وزهو المدن، وحين رافقتك مرة في الغسيل، اللعنة حين تفشل الكلى، وحين تخون بك أعضاء الجسد الممتد

كقامة شجرة سنديان، وكنت تتغلب عليه بالضحكة والسخرية وبالقراءة، كعادتك حين تطوي غلاف الكتاب كعادة تلميذ لم يكن دوماً نجيباً في الدراسة، وواعياً بالحياة، يومها انكسر شيء فيّ، وحين غادرت عمّان، قادماً من فلسطين التي لم ترها، لكنك شممت رائحتها في حقائبي، وذلك الحسن منها الذي سرقته عيناي على عجل، وفي ملابسي المتأنقة دوماً، والتي لم تكن تعني لك شيئاً، قلت: كأني رأيتها في بهجتك، وترقرق دمع عينك، حين تكون كطفل نزق، يومها ودعت «خليل» وودعت عمّانه، وشيء كبير وكثير فيّ انكسر، وثمة غيمة من لون رمادي كانت تحلّ على الرأس، ولا تريد أن تفارقه، لكني لم أرد وداع «خليل» ذاك المحب للحياة وفرحها...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الصبر وإنا إليه راجعون 1 في الصبر وإنا إليه راجعون 1



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates