عشها كما تشتهيها

عشها كما تشتهيها

عشها كما تشتهيها

 صوت الإمارات -

عشها كما تشتهيها

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

لا تجعل الناس البعيدين عما تكنه دواخلك، ونفسك الحرة يسلبونك عافية الحياة، ولا الحياة المتعافية، الحياة كما ينبغي وتحب أن تعيشها، بعيداً عن كل الأسوار والأسلاك والوصايا التي يحوطك الناس بها، وكأنها هي منقذتك من تيه الضلال، كنْ نفسك، ودَع الآخرين يحرثون البحر، ففي ساعة وجعك، ودمعك، وتعبك الحقيقي، لا أحد أقرب لك ولرأسك غير مخدتك، هكذا كنت أتأمل في قرار الأمير «هاري وميجان» التخلي عن كل الموروث الملكي، وكل ما يمكن أن يحاصر قرارهما بالعيش كيفما يريدان بحرية مشتهاة، قد لا يفهم تلك المعادلة الصعبة التي اتخذاها «الزوجان الملكيان» لا الفقراء المتطلعون لحياة الرفاه ورغيد العيش، وتلك الامتيازات المخملية، ولا الأغنياء أيضاً يفهمونها، وهم المتطلعون للتفرد والتميز وحب التملك لأقصى حدّ، الناس طبعهم عجيب غريب، قلما تعجبهم الأشياء التي يقدم عليها الآخرون، فهم يحبون ما يشتهون، لذا تجدهم يتراءون للآخرين أثناء اتخاذ قراراتهم المصيرية التي هم مسؤولون عنها، وعن شجاعة اتخاذها، وفرض حريتهم، والدفاع عن اختياراتهم، ولو تألم الآخرون، فالناس هم أول من اعترض على زواج «هاري» ذي الدماء الزرقاء من «ميجان» التي فيها عرق زنوجة من أمها، وأبوها سيرته سيئة، وهي متزوجة من قبل ولديها أولاد، وربما تكبره في العمر، تماماً مثلما اعترضوا على طلاق أبيه «تشارلز من ديانا»، حتى إن الكثير وقف ضد «تشارلز»، متناسين أخطاء وخطايا «ديانا»، الناس في العادة تغلبهم العاطفة، ويُحيّدون العقل حين تخص الأمور الآخرين، أما حين تخصهم الأمور فالغالب يسبّقون العقل، ويركنون قليلاً للعاطفة، خاصة العرب الذي لا يفهمون أن يتخلص إنسان من أعباء وظيفة مرموقة أو ضيق في الحياة أو يقرر أن يكون يومه ملكه وحده، يحسبونها على أصابعهم المرتجفة، وكأنها خسارة من خساراتهم، لا يمكنهم أن يقدروا ويفهموا كيف يتخلى واحد من أغنى أغنياء العالم عن ثروته، ويهبها للإنسانية ومعالجة آلامها، ويذهب باتجاه حياة هادئة في قريته وبالقرب من مزرعته، أول صفة سيلصقونها به أنه مجنون، فلا أحد يترك العز وأكل اللحم والرز، ويتحول لنباتي، لا يعجبهم أن هناك رئيساً في أميركا اللاتينية مخلصاً لنفسه يسوق سيارة قديمة «فولس وايغون» أي سيارة الشعب، ويعاف سيارات ليموزين رئاسية ومصفحة وحراسات، لا يعجبهم أنه يدير شؤون بلده، لكنه في نهاية اليوم يحرث أرضه ويزرعها، يدهشون أن وزيراً يابانياً يستقيل أو رئيساً قال: لا تحلفوا بالروح بالدم نفديك يا زعيم، فقد قرر أن يتنازل لمن هو أجدر بقيادة البلاد، لا أعرف إن كانت هناك قيم يتبعها مثل هؤلاء الناس حين يحكمون على خيارات الآخرين، ويسلبونهم حرية الاختيار، ومسؤولية القرار، ويظلون يتألمون، ويغضبون لأن إنساناً اتبع هواه، وعاش دنياه، لا يعبأ بما يمليه عليه الآخرون، لأن الآخرين هم الجحيم كما يقول «سارتر».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عشها كما تشتهيها عشها كما تشتهيها



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates