حين يكون الخوف ظلاً

حين يكون الخوف ظلاً

حين يكون الخوف ظلاً

 صوت الإمارات -

حين يكون الخوف ظلاً

بقلم : ناصر الظاهري

هناك إنسان يخاف من خياله القاتل، كأن يسقط في مكان سحيق أو يسقط عليه شيء من عل أو تنحدف عليه مصيبة، يعيش التلفت والحذر والحيطة والتوثب والتحفز، تلك المخيلة القاتلة تسيّر يومه، ويستمتع بالقيام بها، فهي سلوته ودقائق تأمله، وهي مصدر قلق للذي يمشي معه، دائماً ما يخشى الموتة المجانية التي لا تخطر على بال، فإذا ما استظل بفيء شجرة، وسمع فجأة أغصانها تحركها الريح أو جذعها يئن من السنين، قال: تصور وأنت جالس مستمتعاً بالهواء العليل، ينخرط غصن حطب يابس ويهوي على أم رأسك، وإذا ما مرت شاحنة بقرب سيارته، تذكر أنه يمكن أن يكون سائق تلك الشاحنة أرعن أو عاملاً متعباً، يكد باستمرار، ولا يتلقى أكلاً مغذياً، ولا يحظى بنوم كاف، ويمكن «عاطنّها حشيشة»، فينفلت من يده زمام السواقة في لحظة غفوة، وتعترض الشاحنة طريقك، فإذا هي تتمايل عليك بما شحنت، وتكبس سيارتك بما حملت، فإذا أنت والعصيدة سواء، تكون معه في رحلة جوية فتأتيه الوساوس من كل مكان، فيعمل للطائرة المتوجهة بحفظ الله وسلامته، بقيادة الكابتن «ماكنري» إلى مطار هيثرو سيناريوهات عدة، فلا يستبعد الخطف والإرهاب، لأن لندن تؤوي الإرهابيين مثل أطفالها اليتامى، ولا يستبعد الأعطال الفنية، خاصة إذا كانت الطائرة مقلعة من مطارات دول فاسدة، ولا توجد مسؤولية تجاه الإنسان، ولا مساءلة قانونية تجاه الأخطاء، ولا يستبعد حتى الأخطاء الإنسانية التي يقع فيها الطيارون بعد مدة طويلة من ساعات الطيران، فيشعرون بالملل والإحباط، وينهون مستقبلهم الوظيفي في الجو، حيث قضوا ساعات طويلة فيه أكثر من الأرض، يكون في مطعم فاخر، ويرى وجه نادل لا يرتاح له، فيشعر أنه تشاجر مع المدير أكثر من مرة، في ظل توتر عائلي وعدم استقرار حقيقي، ويمر في الوقت نفسه بضائقة مالية نتيجة متطلبات الزوجة التي لا تقدّر كده وعمله الإضافي، فيقوم النادل في ساعة جنون، ويدس له فضلات في صحنه أو يبدأ برمي الزجاجات الممتلئة نحو رؤوس الزبائن الغافلين، وأول رأس مرشح لسيل الدماء منه رأسه الحاسر والذي ودعه الشعر منذ زمن وجاهز كالبطيخة تماماً.

تمر إنجليزية لطيفة تنزه كلبها المدلل على الرصيف، فيتخيل أنه كلب مسعور ويمكن أن ينقض في سهوة من صاحبته التي تتمتع بمضغ العلكة على بطة رجله التي تشكو التشنج باستمرار، لا يحب أن يمر بجانب بناية تحت الإنشاء، فلا يضمن ما يمكن أن يتساقط عليه منها، أقلها أن ينفلت «الكرين» بما يحمل من خرسانة إسمنتية جاهزة الصنع عليه وحده، تماماً مثلما يخاف ويحلم من الخوف دائماً أن أحداً ما سيدس مخدرات في ثنايا حقيبته المسافرة معه، ولن يعرف ما يقول حينها!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يكون الخوف ظلاً حين يكون الخوف ظلاً



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates