في رثاء الأمانة

في رثاء الأمانة

في رثاء الأمانة

 صوت الإمارات -

في رثاء الأمانة

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

عل ما يجمع وفاة ثلاث من الشخصيات في يوم واحد رغم اختلاف بلادهم، وتعدد إبداعهم، وتفرق أزمانهم، هي الأمانة، أمانة الصدق، وأمانة الواقع، وأمانة انتماء المهنة، ثلاث شخصيات، وأزيد لها شخصية رابعة كانت امرأة من زمنها، ولوقتها غيبها الموت في ليلة لا يشبهها إلا سواد جناح غراب آت بالنعيق.
- «مريم جمعة فرج»، صوت إماراتي، وصوت نسائي متميز في الكتابة القصصية، لها من خصوصيات السرد ما لا يعرفه غيرها، ولها في نبش الذاكرة تلك المسافة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من القاع، ومن المسكوت عنه، ومن خصوصية الطرح في الشائك والمختلف، كانت هي والخجل ظلان، حتى أنها تطبع كل شخصية تلتقيها بطابع خجلها مدة اللقاء، فلا أتذكر أني التقيتها، إلا وكنت مثلها خجلاً، وحيناً أخجل عنها بأثر رجعي، كان لها صوت من الهمس كالحمام، بالكاد تسمعه، حتى تكاد تشك في مسمعيك، كانت وفيّة لأشيائها، مخلصة لقلمها، وكانت أكثر وفاء لأمها، مريم كانت جديرة بالالتفات والتكريم والاهتمام والرعاية والتقدير، لكن أين هي، وأين مؤسساتنا اليتيمة، وأين أرباب الثقافة من الثقافة وأهلها؟! فلا تبكوها اليوم أيها النسّاؤون، لا تبكوها اليوم أيها الجاحدون، لقد قالت كلمتها بصدق وخجل، ورحلت مثل حمامة لا تريد إلا السلام.. فسلام عليك يا مريم حتى مطلع الفجر.

- ثاني الأمناء لمهنتهم، شيخ مترجمي الأدب الإسباني واللاتيني «صالح علماني» الذي لم يكن خائناً للنص مرة، بل إنه يكاد يكتبه بحساسية عربيته، محافظاً على ذلك الخيط الناعم كحرير بين نص الكاتب والنص الموازي من المترجم، كان يبدع بطريقته الخاصة، حتى أصبح القراء العرب يقرؤون لـ «صالح علماني» أولاً، ثم يقرؤون لماركيز أو غيره ممن كان صالح علماني يختارهم بحب ليترجمهم بحب، ويقدمهم بحب.
- ثالث الأمناء، هو الفنان الصادق مع نفسه، ومع بيئته، ومع حاله وأحوال غيره من طبقته الشعبية، حتى ملابسه هي مظهر من مظاهر الشخص الشعبي الذي يعيش في مدينة يعرف أنها تتعالى عليه في داخلها، لكنها تحبه، هو مخلص لأهلها، ويسخر بالألوان من طبقات بعض أناسها، الفنان «شعبان عبد الرحيم» الظاهرة الفنية المختلفة والمتفردة، ولكنها أمينة مع ذاتها، وأمينة فيما تقدمه، حتى أنها أجبرت الجميع على السماع لها، ولو كانوا يقهقهون في دواخلهم، مأخوذين بإيقاع لحنه، وصدق كلماته، النابعة من تلك الظاهرة التي تسمى «شعبان عبد الرحيم»، ولن تتكرر.

- ولأنه رثاء الأمانة، فالأمانة توجب أن نذكر سيدة فاضلة، وسمحة من جيران الأمس الجميل، وجيران الوقت اليوم، لم يعرف عنها إلا التقوى والمحبة وصلة الناس، والإحسان لهم «لطيفة بنت عبيد» سيدة من ذلك الوقت الذي لن يتكرر، فاضلة حتى تكاد الكلمة أن تكون ناقصة، سمحة حتى تفيض الكلمة برحابة لا تتجاوزها، كانت، وكانت الأمانة، والمحبة، والوصل، والنَّاس جيران، منذ ذاك الزمان، وحتى هذا الزمان.

الكاتب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في رثاء الأمانة في رثاء الأمانة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates