تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

 حاولنا أن لا نغضب السائق الذي تدرب على قيادة المواكب الرسمية على الطريقة الأميركية، وربما يجيد إطلاق مسدسه الذي تأكدت أنه أسفل سلسلة ظهره على طريقة «الكاوبوي»، وتلطفنا جاهدين لنظهر له أن جل كلامنا يراد به المزح الصراح، رغم يقيننا أن وجهه الجبلي لا يضحكه إلا الرغيف السخن، وحاولت أن أوميء لأستاذنا «عبد الغفار حسين» أن يسايره بالحسنى، ولا يثقل عليه بتلك الأسئلة الواقعية، والتي تحتاج لكثير من البراهين والسلاطين والأدلة، ويمكن أن تجعل الحديث متشعباً، وذا شجون، ساعتها تفهم «عبد الغفار» الموقف قليلاً، وعلى مضض، وإنْ كانت الشكوى بادية في عينيه، أنا و«ضاعن شاهين» قلنا للسائق: إذا استطعت أن تجعلهم لا يسبقونك، فافعل! فأضمرها «عبد الغفار» في نفسه، وانتبهنا لرفيق معنا غاب عني اسمه، كان يعاني دون أن ندري، فاعتقدنا في البداية أنها نوع من تلك الحموضة التي تأتي بعد فطور «بوفيه» الفنادق عادة، لكن إصراره أن يركب في الأمام مع السائق لأن رأسه يدور حينما يركب في الخلف، فقلت لنفسي: «وَلّ هذه كانت أيام الجيبات.. ما أروم أركب وراء»، لكنه جعلنا نتعاطف معه، ونطلب من الأستاذ «عبد الغفار» الذي يكبرنا قدراً وعمراً وعلماً أن يتراجع للصفوف الخلفية، ويترك المقعد الأمامي لرفيقنا الذي كنا نعتقد أنه كان يسايرنا، ويبدي قلقه وخوفه وتترجمه أقدامه، وهو يضغط على الدواسات المتخيلة، ثم غدا يشكل نوعاً من الضغط والتوتر على السائق، وخفنا أن يربكه في طرقات تلك الجبال التي بدأ الثلج يتهامل، وهدأنا من روعه، فقال: «أنا مب صاحي، وآنس لوعة كبد من هالسواقه»! فطلبنا منه أن ينزل زجاج النافذة، ويستنشق من عبير تلك الأشجار الجبلية، ويصبر، دوّرنا على كيس بلاستيكي من تلك التي يحتفظ بها عادة في ظروف المطبات الهوائية في الطائرات العملاقة، لكن سيارتنا المصفحة تبدو كقطعة حديد واحدة بلا ملامح، طلبنا أن يغمض عينيه، فلا يرى تلك السيارات التي تسابق أخواتها، وصرير عجلاتها عند المنعطفات والأكواع، وذلك التبديل لناقل السرعة العادي، وسائقنا ذا الرأس اليابس المتشبث بما قاله له المدرب الأميركي في حماية الشخصيات، تعبنا وهلك صاحبنا حتى وصلنا إلى أعلى نقطة في ذلك الجبل، حيث استقبلنا الملا البرزاني في مجلسه «البانورامي»، ونزل الثلج ساعتها، فكان مشهداً سينمائياً آخّاذاً، ذكّرني بروايات الأدب الروسي الكلاسيكية، حيث البرد والثلج في الخارج، وكل الدفء في داخل البيت الذي تؤنسه تلك المدفأة الفرحة بطقطقة الخشب في غنائية الحطب والنار، وكانت مائدة عامرة سيدها الكباب والخبز الكردي، ساعتها تيقنت أن بعض الأكلات لا بد من تذوقها في مكانها، لأنها إنْ خرجت من حدودها، كانت أشبه برفيق سفر ممل، وكثير التذمر، ولا يحتمل السفر معه في المستقبل المنظور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:46 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كان يراقبهم يكبرون

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates