بقلم : ناصر الظاهري
• لا يحزنني في أوروبا مثل أن ألتقي بأحد السياسيين العرب المتقاعدين أو الذين لفظتهم السلطات المتعاقبة، وقد هرم في منفاه، وما عاد أحد يكاتبه، والجيل الجديد لا يعرفه، ولا يعرف نضاله الذي يبالغ فيه أحياناً، وأصبح محط شفقة من الذين يقدرون الأمور، وعلى بُعد خطوات قليلة من أن يتوسل حراس الشخصيات الخليجية المصطافة، والتي لا تحب أحداً يعكر مزاجها في عطلتها، أن يتوسطوا له ليحظى بالسلام عليها، ويحدثه عن ذكريات مرت عليه خلال زياراته لبلدان الخليج، وقد كانت في حياتها البدائية، ويمرر خلال الجلسة تلك كم من فكرة يدعي أنها كانت من بنات أفكاره، ولقيت حينها الدعم والنجاح، لا أشفق على السياسيين الذين هرموا مع نقود قليلة، ولا تساوي اليوم شيئاً، إلا من المساء إذا ما حلّ، وكان وحيداً مع الجدران الباردة!
• ثمة كآبة يأتي بها الشتاء الأوروبي، ويخاف الناس منها، لذا يلجأون إلى الأطباء مع انقضاء الخريف، غير أن الأطباء يصفون لهم وصفات كهربائية، لا دوائية، يعني بدلاً من الذهاب إلى الصيدلية، تذهب إلى محلات الكهربائيات في شارع اليكترا، وتأخذ مصباحاً بقوة «60 فولت» إضاءته بيضاء، ويوحي لك بإشراقة الشمس، و«ليت 40 فولت» برتقالي، يجعلك لا تحرم من شعاع الشمس في البيت، ونحن «ندابج في الشتاء، وإن زاد البرد شوي، صحّنا: برد مريعي، الناس تراها مرات ما تشكر»!
• الأوروبيون «بارضهم طويل» ولا أعرف كيف يتحملون أشخاصاً سمحوا لهم باللجوء، ويدفعون لهم من أموال دافعي الضرائب، ويؤمنون له الطبابة والأمن والمنزل، وأحياناً يحظون بالجنسية، ويخرج الواحد بعد ثلاثة أشهر عليهم، شاهراً مخلبه، أو ملوحاً بـ«جلاّبه»، مرتدياً ثوباً مهلهلاً يوحي بأن الإسلام ليس دين نظافة مطلقاً، ويسبهم، ويسب حياتهم، ويتبرأ من مجتمعهم الكافر الذي يعيش فيه، باتخاذه «كانتون» مع جماعته، ويظل ينشر دعوى الجهاد ضدهم، ومقاتلة الكفار أينما وجدوا، ولو كان في بلده لما جسر أن يقول: «لا»، إلا أثناء التشهد!
• في أوروبا يحترمون القانون لدرجة تغيظ الغريب، يعني يلقون القبض على أحد الذين آووهم، ووفروا لهم العيش الحر، وهو يجند أطفالاً لـ«داعش»، فيلقون القبض عليه، ويرسل الأطفال إلى دار للرعاية، ويأتي قاض بعد أيام من حبسه، ويقول: إن الإجراءات التي اتخذت ضده خاطئة، ومخالفة للقانون، ويلوم عمدة المدينة، وأجهزة الأمن، ويخرج براءة، ويعوض بنص مليون يورو!
• من الأمور التي تعد «وصمة عار» على جبين هولندا، السماح باستعراض بائعات الهوى لأجسادهن، وهن مسجونات في واجهات البيوت الحمراء الزجاجية، وكأنهن عبيد الليل، لقد تاجرت هولندا في الزمان البعيد من خلال شركة هولندا والهند الغربية بالعبيد والتوابل، في حين أنه في بلد مجاور مثل السويد إنْ وجد رجل في بيت للدعارة، وألقي القبض عليه، سجن، وغرم!
المصدر : الاتحاد