بقلم : ناصر الظاهري
هل يمكن أن تقوم حروب جديدة لا تسفك فيها الدماء؟ وهل بمقدور شعب من الشعوب اليوم، وبعد أن أصبح ضمن منظومة القرية العالمية الصغيرة أن يجرد من سلاح المواصلات والاتصالات، ويصبح أعزل من السلاح؟ وهل سنسمع غداً عن بشر هلكوا بسبب الفقر الإلكتروني، أو من مجاعة المعرفة، أو بسبب حرب إلكترونية مدمرة اجتاحتهم وأفنتهم عن بكرة أبيهم؟ وكيف يمكن أن نفهم عبارات: دارت رحى المعركة أو انقشع غبارها أو حمى الوطيس؟ وهل يمكن أن نلغي بلداً من الخريطة الجغرافية الإلكترونية، بحيث لا يتعرف إليه «Google Earth» أو لا يمكن النفاذ له من خلال أدوات البحث أو الروابط، ولا يمكن أن يتصل هو ويتواصل مع الآخرين إلكترونياً، فيغدو في عزلة مظلمة لا يبصر أحداً، ولا يبصره أحد؟
هل في الغد سيعد البلد المعزول إلكترونياً هو بمثابة الميت سريرياً، أو الواقع تحت نير الاحتلال وبراثن الاستعمار؟ ماذا سيفعل شعب إنْ استيقظ صباحاً ولم يجد بلده على الخريطة العالمية، لا ذكر لاسمه ولا لوجوده، وكيف ستكون نوعية المقاومة الوطنية؟ كيف ستتصرف حكومة أي بلد وجدت حالها، وحال بلدها في مواجهة مع قوات حلفاء يريدون إسقاطه إلكترونياً، وطرح بديل له أكثر ديمقراطية وأكثر تجاوباً مع معطيات العصر المتحضر؟
ما هي نوعية السلاح المستخدم الذي يمكن أن يحدث شيئاً من التوازن في المواجهة فيما لو تعرض أي بلد لاجتياح إلكتروني غاشم؟ هل سيشهد العالم حرب عاصفة الصحراء الإلكترونية أو أم المعارك الإلكترونية أو أزمة كأزمة خليج الخنازير الإلكترونية؟ ما هو شكل جدار برلين الفاصل في حرب الدمار الإلكترونية؟ كيف يمكن أن يتم الإنزال فيها أو عملية الأبرار كما حدث في «D-Day» في نورماندي؟ كيف سيتم الاستسلام في حرب سلاحها الأثير؟ وكيف يمكن أن تدخل قوات الحلفاء المنتصرة أي بلد مهزوم؟ كيف هو شكل الطابور الخامس في الحرب الجديدة؟ كيف ستكون أوسمة الحرب الإلكترونية، وهل ستعلق على الصدور أم سترسل إلى البريد الإلكتروني الشخصي مباشرة؟ كيف يمكن أن يعامل أسرى هذه الحرب، وهل ستشملهم اتفاقية جنيف؟ هل يمكن أن تقام محاكم لمجرمي هذه الحرب، وتوجه لهم تهم بارتكاب إبادة جماعية أو تطهير عرقي؟ ما مدى جدية عمليات التفاوض للوقاية من حرب إلكترونية محتملة؟
تلك بعض الأسئلة التي يمكن أن نفترضها اليوم في حرب الدمار الإلكتروني القادمة، ولكنها واقعة لا محالة بكل افتراضاتها وأكثر في الغد المنظور!
المصدر : الاتحاد