«طبيب الغلابة»

«طبيب الغلابة»

«طبيب الغلابة»

 صوت الإمارات -

«طبيب الغلابة»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

«يا أبو الغلابة يا د. محمد مشالي»، لقد رحلت بهدوء، وكل القلوب من فقراء ونبلاء وشرفاء بكتك، وهي تبكي معاني النبل والشرف، وما فعلته طوال حياتك المديدة من أفعال تدمع العين، وتجعل الجباه تنحني لك، والهامات تقبل يدك الملائكية.. «د. محمد مشالي» قبل كل الأشياء، وقبل كل الأمور، هو مصر الحقيقية والجميلة والمعطاء، مصر الطيبة والطُهر والخير كله، هو الفلاح الفصيح، وابن بهية، وما كان يتمنى نجيب سرور، والشيخ إمام، وأحمد فؤاد نجم، وأمل دنقل، وكل شرفاء الوطن، وحراسها غير المرئيين، «د. محمد مشالي» كان مدبراً عن الحياة بقدر ما كان يمنح الآخرين طعم آخر للحياة، والأمل حين يتعلق الأمل في عنق رجل شريف مثله، لقد تصالح مع نفسه، ووادعها، وودع مباهج الدنيا من أجل رسالة إنسانية، وموقف نبيل، كأمير غير متوج على قلوب كل الناس، حتى إن خبر نعيه كان حريّاً بكل البشرية أن ترفع له ما يتوج رؤوس الناس احتراماً وإجلالاً وتقديراً ومحبة لإنسان تعالى.. وتعالى، ووصل بطيب قلبه ومحبته وتضحيته إلى أن يتساوى كتفاً بكتف رغم ضآلة جسمه مع خدّام البشرية على مر تاريخ الإنسان والحضارات. 
اكتشف «د. محمد مشالي» أن أباه حرم نفسه من الدواء والعلاج ليوفر له التعليم، وحتى التخرج في كلية الطب، والتي حاز فيها شهادة بدرجة عالية جداً، كان يمكنه أن يكون مثل زملائه الخريجين، يبحث عن مستقبله وحياته الهانئة، ويواصل عمله من أجل شقة أو فيلا العمر، كان يمكن أن يكون طبيباً معاراً يبحث عن وظيفة في الدول الخليجية من أجل تأسيس مستقبل مهني خاص به، كان يمكنه أن يكون كما يشتهي، وهذا الذي فعله وأقدم عليه، بعض الناس لديهم إلهام إلهي أو إشارات ربانية، لكي يكونوا أنقياء، ويصنعوا الفرق، بدأ حياته بفتح عيادته المتواضعة في طنطا، ومن يومها صارت محجاً لكل المرضى الغلابة، والفلاحين البسطاء، وأبناء القرى الذين ينامون على الجرح والألم، ولا ينامون على الذل أو الضيم، كانوا يقصدونه لتلك الثقة التي بناها بين الطبيب وقلوب الناس، كانت تعرفته ثابتة للقادرين من الناس، أما الناس «الغلابة» فكان يعالجهم بالمجان، بل ويدفع لبعضهم من أجل شراء الدواء، كان لا يملك من حطام الدنيا سيارة ولا هاتفاً خليوياً، وملابسه رثة، مما يلبس الشعب البسيط، حتى إنه تلقى مرة تبرعاً بآلاف الدولارات لشراء سيارة وتحسين أحواله، من أحد المحسنين، فصرفها على أجهزة تحليل ومختبر ليستفيد الغلابة من مجانية الفحوص، ظل خمسين عاماً يطبب الناس، دون أن يتوجع أو يشعر بألم، أو يقصر في حق أحد، إذا عاش طويلاً.. وعاش سعيداً، وغادرنا فرحاً مثقلاً بالخير والإحسان، وما يرجح كفة ميزان المؤمنين، وشرفاء الحضارات الإنسانية.. «د. محمد مشالي»، والله لو صادف ورأيتك في حياتك لكنت قبلت قدميك الطاهرتين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«طبيب الغلابة» «طبيب الغلابة»



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates