أصدقائي الصينيون 2

أصدقائي الصينيون 2- -

أصدقائي الصينيون 2- -

 صوت الإمارات -

أصدقائي الصينيون 2

بقلم : ناصر الظاهري

 صديق آخر هو أول من علمني أن أمسك بتلك العصي، وأتخلى عن التناول باليمين، خاصة في حضرة طاولة عائلية اجتهدت زوجته في تحضيرها، لكن لا أخرج من عنده إلا وصدر الكندورة العربية والطربوشة عرضة للتلوث البيئي، ولا يمكن أن تخطو بها خطوتين إلا إلى الـ «دوبي» مباشرة، وهو الأمر نفسه الذي حدث معه حينما عزمته على جلسة في خيمة عربية، وتربع، ووضعت الصواني أمامه، وقلنا له: أخمس.. وأضرب بيمينك، يومها ظلينا ننقي العيش من على ذلك الصرود حتى عجزنا، بالطبع لم أحدثه عن أكل «أهل نْعَيم»، وأنهم لا يشَعّون العيش قدامهم أثناء أكلهم، لأنه سيرى فيها مهارة لا لزوم لها، وقد حاول أن يقنعنا أن الأكل بالعصي الصينية أسرع وأكثر شبعاً، ولا يمكن أن تنثر قدامك حبة رز.

صديق صيني آخر كنت أصر أن ألبي دعوته في مناسبة السنة الصينية، وأعزمه في ليالي رمضان، فقد كان جدوده مسلمين، وهو يحمل اسمين، اسم مدني واسم عائلي، والغالب في الاسم المدني ذكر الجد الصيني الذي كان قبل الميلاد أولاً ثم اسمه، أما الاسم العائلي أو الطائفي فقد كان على اسم أحد من الصحابة، ولكن لو ناديته به، فقد يستغرب للحظات، ثم يتذكر أسلافه ليجيبك، هذا الصديق دعوته مرة لأذوقه من شوي التنور في عيد الأضحى في العين، وكنا جلوساً في المبرز، وأمامنا شاشة التلفزيون العريضة، ناقلة لنا شعائر الحج والصلاة في الحرم، فاقشعر بدني لتلك الجموع المصلية حاضراً في الصحن المكي، وجموع الطائفين، فقلت له: هل تعلم يا صديقي أن حول هذا الحرم هناك مليوني مسلم يطوف ويصلي، فلم يعرني أي التفاتة أو انتباهة، فاعتدلت في جلستي، وقلتها بلغة عربية فصيحة، وبصوت مسرحي أستخدمه أحياناً عند اللزوم، وإذا ما اقتضى الأمر ذلك، مع الحرص على الوقوف عند السكون أو الشَدّة، ووضوح مخارج الألفاظ، خاصة عند ذكر رقم المليوني مسلم، لكن الصديق كان ساهياً، ويدمدم، ولا أعرف ما في خاطره، فقلت ربما استشعر الموقف، ويقرأ من محفوظات الصدور أو يدعو لجده الأول الذي يحمل اسم أحد الصحابة، انتظرت طويلاً، وغير الموضوع، وتحدث في شأن آخر، بعدها أدركت أن المليوني نسمة لا تعني للصيني أي دهشة، وكأنه دخل محطة قطار متجهاً من بكين العاصمة الجديدة إلى «تشيان» العاصمة القديمة.

صديق آخر صيني ظريف، زارني مرة في مكتبي، أيام كان التدخين في الأماكن العامة ميزة، وحقاً لا يمكنك أن تعترض عليه، قبل الحجر عليهم وعزلهم في أكشاك زجاجية، فسألني: لم أعهدك تدخن، ومكتبك أشبه بفرن، فقلت له: هذا بسبب هؤلاء الصحفيين الداخلين والخارجين يسبقهم أو يتبعهم دخان سجائرهم، وأنا لدي حساسية من رائحتها، لكن ما العمل، فنحن غير المدخنين أقلية في هذا المكان، ومضطرون أن نملأ صدورنا بتدخينهم السالب، فضحك وقال: سأكتب لك باللغة الصينية «ممنوع التدخين»، وعلقها على باب مكتبك، وكل واحد سيدخل سيسأل عن معنى المكتوب على الباب، فتخبره بأنها عبارة «ممنوع التدخين»، فسيخجل، ويطفئ سيجارته، استحسنت الفكرة، ومشى الحال أسبوعاً، بعدها كان كل واحد يدخل عليّ المكتب أول ما يشير ضاحكاً للعبارة الصينية ولمعناها «ممنوع التدخين»، وبعضهم يحضر آخرين ليريهم إياها، لكي لا يستغربوا منها إن دخلوا عليّ!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

المصدر : جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصدقائي الصينيون 2 أصدقائي الصينيون 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates