عالمنا الافتراضي الإجباري

عالمنا الافتراضي الإجباري

عالمنا الافتراضي الإجباري

 صوت الإمارات -

عالمنا الافتراضي الإجباري

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

ماذا لو اضطررنا لأن نعيش بصدق في عالم افتراضي، مثل أيامنا الأولى في زمن الجائحة، وأصبحنا معزولين، متقوقعين، مسيجين، وكأننا طيور الجنة أو «بيبي متّوه»، نمارس حياتنا الزجاجية من خلال الدخول في شبكات التواصل، وكل أمورنا وأعمالنا معلقة في تلك الشاشات التي تومض أمام وجوهنا، وقد ترهلت الأجساد من قلة الحركة، وممارسة الهواية الوحيدة المتاحة، وهي الأكل بنهم وبدلع، لو بقينا على ذاك الحال، أتصور أن أموراً كثيرة في حياتنا ستتغير، وستستبدل بأشياء جديدة وطارئة ومفروضة:
- سيغيب الهندام، والزينة والتزين، وتلك الأمور المفرحة التي يخلقها الثوب الجديد، والزي الجديد في عيون الناس والخارج، وفرحة النفس، وما يفعله العطر الساحر في إغواء شياطين الداخل، ستحل مكان كل تلك الأشياء بيجامة متقرفصة إثر النوم والتقلب في الفراش والعراك مع الأحلام أو لباس رياضي لين، لم يكن يشجع دوماً على الفوز، والنساء سيبقين يناظرن الدواليب الممتلئة، والفائضة عن الحاجة، وتلك الشنط الغالية القابعة في علبها المقوّاة، وسيكتفين بتلك الأثواب التي من الجمعية «ألبس وأرمي»، والتي لن تكون شفيعة لدى عيون الرجال، سيبدو البيت وأصحابه، وكأنهم يلبسون مما جف على الحبل، وحال الجميع يقول ألبس واتزيّن واتعدل لمن؟
- ستحاول الشعوب أن تبتكر لها سلاماً خاصاً يميزهم رقمياً في العالم الافتراضي، يعني «أشحال كلٍ بحاله أو إش حالك وحال التوالي»، مثل هذه الأمور التي هي «أسأل عن الحال» لم تعد تصلح، خاصة وأن الكل شغّال «ايموجي» وصور تعبيرية جامدة، واختصارات لغوية لا نفهمها كثيراً، وستقل رسائل الجمعة، لأن الجمعة غائبة، ويمكن أن نمضي أيام العيد ونحن داخلين في لعبة إلكترونية، وتحد رقمي، ولن تنتهي بسرعة، وسيصبح الحناء، والمبيت في الصالونات ليلة العيد، والمشالاة من خياط إلى مخَوّر من تراثنا الشعبي المنقرض، «والله تلزّمين على رَيّلك ليلة العيد أن يدفع لك علشان النفخ، الحين منفوخة ومبرطمة، ويالسة، ولا بتّفشّين».
- أعتقد أن أفراد العائلة سيتحولون تدريجياً من الثرثرة على مائدة الطعام إلى مرحلة الكلام المتقطع في ظل التباعد الجسدي، ومن ثم ستتطور الحالة لديهم إلى مرحلة الصمت الراهن، ثم إلى الصمت الدائم، حتى يصلون إلى مرحلة فقدان النطق، وستستشري آلام المفاصل والروماتيزم والروماتيد وعقلة الأصابع وتقوس الأطراف، بحيث إذا حظيت بمشاهدة أحد من زملائك القدامى قبل العالم الافتراضي، وسيذكرك أنه من جيل الطيبين، وأنت تبدو غير مصدق لما يقول، لأنه من أول وهلة، لا تستطيع أن تفرّق بينه وبين مظهر «القبقوب» أو سرطان البحر الذي يختال على السيف، وهو خارج من البحر فارداً مناشيره المقوسة، ومُعضّلاً على «ماميش».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالمنا الافتراضي الإجباري عالمنا الافتراضي الإجباري



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020

GMT 14:48 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"Mother of Pearl" ترفع شعار تقديم الملابس المسائية صديقة البيئة

GMT 06:14 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي كارداشيان تظهر بإطلالة جريئة باللون الأصفر النيون

GMT 05:01 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب الوطني تحت 19 عامًا يواجه طاجيكستان في كأس آسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates