الخيط الرفيع

الخيط الرفيع

الخيط الرفيع

 صوت الإمارات -

الخيط الرفيع

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

بعض المسائل في الحياة الفاصل بينها خيط رفيع، حيث للحقيقة وجهان، وللقصة راويان، وبين أن يقدم الإنسان فيها أو يحجم شعرة رقيقة، وثوان معدودة، بين جسارة وندم أو بين خسارة وندم، تلك المسائل هي تشبه تماماً المسافة الفاصلة بين الحياة والموت، بقيت متأملاً لقصة ذلك «اللص، السارق، الملثم، المسلح، المهدد حياة الآخرين، والداخل عنوة لأملاكهم الخاصة، وهاتك ستر بيوتهم»، وقصة زوج «نانسي عجرم»، «المدافع عن بيته، وحامي أطفاله، الذائد عن شرفه، القاتل قبل أن يكون المقتول»، لعلكم عرفتم الآن ذلك الخيط الرفيع الذي أعنيه، والفاصل بين مسافتين، ووقتين، وتوقيتين وتفكيرين، حيث لا مجال للتأمل والتفكر والتدبر أو اصطناع الحيلة، فالزمن يمر سريعاً، واحتمال الخطأ والصواب في أجزاء من الثانية، والإنسان إما أن يهلِك الآخر أو يهلك نفسه، السؤال لو أن كل واحد وضع في الظروف نفسها، وفجأة وجد أمامه في منتصف الليل لصاً ملثماً متسلحاً، داخلاً منزله، مهدداً الجميع، ولا تعرف نياته، قد يكون مريضاً مهووساً بالصغار، قد يكون من مجانين المشاهير، وناوياً على الزوجة، قد يكون سارقاً مسلحاً، هل تطلق النار أولاً، وتقدم النية السيئة، وهي الغالبة؟ بعدها يمكن أن تتهم بالتهور والقتل والحماقة، ويمكن أن تثقل كاهلك بالندم، وتدخل في صراع نفسي، ربما يقودك للمرض الدائم، أم تستسلم لعقلية ذلك المقتحم، وتضع رقبتك تحت رحمته، وتغلب حسن النية، والظروف القاهرة للسارق المتلصص، وإمكانية حمله سلاحاً دون رصاص أو سلاحاً مزيفاً، ويحدث لك أو للعائلة ما لا يحمد عقباه، بعدها ستشعر بتلك الندامة التي لا تعوض الأشياء، وستنعت بالجبن والمذلة، وقد تسقط من عيون أسرتك، وقد تسبب عقداً نفسية لصغارك جراء ما لحق بهم، وقد تكون أنت أول ضحايا تلك النظرة الإنسانية المتعقلة، أرأيتم كم هو ذلك الخيط الرفيع بين الأشياء، حتى القوانين أحياناً تصبح مطاطة، فتتذبذب مراوحة بين القاتل والمقتول، بين نيات السارق المقتول، وتصرف الزوج المدافع القاتل.
كان يمكن لمثل هذه الجريمة لو حدثت في الصحراء أو في قرية لاحتكمت إلى أمور عرفية، وأمور واضحة جلية عند الناس، وربما أعان أهل القتيل «المعتدي، المقتحم ستر بيوت الناس، ومروع أهلها» القاتل، واحترموا فعله، وبرأوا ذمتهم، أما وأن الأمور تحدث في المدن، فهي بالتأكيد أكثر تعقيداً بفضل القوانين المدنية، والخوف من تبعاتها القانونية والمالية، وما تفرضه ليونة التحضر، وتساهل التمدن على حياة الناس حد الجبن، وحد التردد، وحد أن تفقد أفراد عائلتك بسلاح مجنون أو مهووس أو مسحوق أو منبوذ أو حاقد على مجتمع المدينة، ما أقسى ذلك الخيط الرفيع على القاتل والمقتول!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيط الرفيع الخيط الرفيع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates