بقلم : ناصر الظاهري
أعجب من بعض الناس، تجده منذ نعومة أظفاره، وهو يسعى لكي يصبح محاسباً أو مدققاً للحسابات في شركة لها عدة فروع مختلفة، تبدو تلك مهنة شاقة على النفس، بالنسبة لي على الأقل، وفيها من القسوة، وطلب السلطة، وتسليط الذات لمراقبة الآخر، واصطياد أخطائه، لكن مثل هؤلاء الناس يحبون تلك المهنة التي يتمنونها بشغف، معتقدين أنهم محاسبون، ولا يحاسبون، وأوائل الناس شغفاً بتلك المهنة التي لها زيها الرسمي المتزمت، الهنود، فالهندي ما أن يصبح محاسباً، ويظل يرتدي تلك البدلة السوداء التي يخفّ لونها تدريجياً نحو الأكحل والأغبر ثم
الرمادي المحايد، وبشنطة جلدية ستمكث بيده طويلاً، وأقلام بينها الأحمر بالطبع، ودفتر مقلم بمربعات صغيرة، لا تعرف له جدوى، حينها لا أحد يقوى عليه، فهو الوحيد الذي لا تفوته شاردة ولا واردة، ويعرف الأنظمة والإجراءات المتبعة في عدة دوائر مختلفة، ويمكنه أن يجلس على كرسي خشبي ساعات طوال، ولا يشكو، بتلك النظارة ذات الإطار الأسود السميك، آه.
. ما أصعب أن يطلب مني أن أعد الحساب الختامي لنهاية العام المحاسبي أو يطلب مني تقديم خطة خمسية يراعى فيها تقليص المصروفات، وزيادة الإيرادات، بعض المهن شاقة، تثقل الصدر، مثل الحصول على رخصة «ليسن» ثقيل، لتتولى بعده مباشرة سياقة «نساف أو تريلّا» في طريق «سويحان»!
- مرات.. تذهب إلى مكان، ولا تتوقع أن ترى فيه شخصاً ما بعينه، فلا تعرف أي هوى وزّه لتلك الناحية أو أي ريح جاءت به إلى ذلك المكان، فتشعر أن المكان لا يتسع له، أو هو يضيق بالمكان أو ثمة خطأ في جهة ما، كأن ترى «نيكول كيدمان» ناشرة من غبشة الله لسوق السمك، طبعاً في أستراليا، وليس في سوق الميناء، تكاسر على «منّين سمك طريّ» أو تشاهد
«ترامب» قبل أن يصبح رئيساً لأميركا يجول في محلات «كل شيء بعشرة دراهم» أو طيبة الذكر «بروك شيلدز» قبل أن تتزوج لاعب التنس «اغاسي»، وبعدها لا ندري ما صار بينهما، قررت ذات صباح أن يبدأ نهارها بفطور في مطعم «اليمن السعيد»!
- «أي مواطنة اذكر لها الشغالة، وشغل الشغالات مرتين سيغمى عليها، من كثرة ما «وازَّن وشافن عمايلهن»، اللي تلقاها حافرة لزوجها عند عتبة الباب، واللي تلقاها تدخن البيت بعطبة، واللي تقبضها «تشاتي» مع ساحر في إندونيسيا بخصوص خلطة في الأكل، غير اللي يصرّن القرطاس في خبوق الجدران، واللي يباتن يطيرن بالمهاف من جدار لجدار، والنسوان تراهن بصراحة مب خائفات على أنفسهن، بقدر خوفهن على رجالهن»!
المصدر : الاتحاد