بقلم : ناصر الظاهري
- لقد مر على السينما منذ اختراعها مخرجون كبار، ومخرجون طليعيون، ومخرجون تجاريون، ومخرجون «مهرجون»، هؤلاء يتحفون المشاهد بمشاهد لا مجال فيها إلا الضحك والرثاء والشفقة، مثل: مشهد الركاب في الطائرة، وهم يصرخون بعد ما قُتل الطيار ومساعده والمختطفون، يُخرّج المخرج بطلاً من بين الركاب، من يتذكر ساعتها، أنه كان طياراً في حرب فيتنام، ويمسك بزمام الأمور، وينزل الطائرة والركاب بأمان!
- لا مكان يجتمع فيه هذا الكم المزدحم من النساء، وأرتالهن «المتلتلة»، إلا في «كان» أو في «سقر» التي لا تبقي ولا تذر، وحدهن اليابانيات اللاتي ما عندهن مسخرة، ولا يحببنها، تقول يا أخي، كأن اليابان مرسلة للمهرجان موجهات تربية اجتماعية في إجازتهن المدرسية الفصلية.
- هناك شباب يقدم نفسه بشعره الذهبي غير المسرّح بانتظام، يخيل إليك أنه هارب من الرهبنة الكنائسية في أول أيامها، لم يبق منها إلا العينان الغائرتان، البعيدتا المنال، كراهب تأذى في طفولته، يقدم نفسه بعد ذلك ببدلته «البيج» الفاتحة، وقميصه السماوي، وربطة عنقه الزهرية، وشنطة سوداء كأنه استعارها من موظف شركة تأمين لا ترحم، ما يفضح نصبه النظارة الدائرية، والمذهبة، والتي لا تناسب شقرة وجهه، والسنان المفترقان في الصف العلوي، واللذان يشبهان المبرد القصير، ولا يوحيان بثقة دائمة في الشخصية، ويبدو أنه تعرض لخيانات لا تحصى في حياته، يستقرئ وجوه من يجالسهن، فإن شعر بإيمان في داخلها، طلب الماء الفاتر، وهو الفاجر.
- هناك أناس يجبرونك على التوقف مثل ذلك الذي استطالت أذناه في غفلة منه، حتى بدتا كأجنحة الخفاش، لا يدعك تمر من ذلك الشارع المزدحم دون التريث، والتأمل، وإن إلى متى ستظلان في النمو، وإلى أين؟ خاصة أن الأنف والأذنين وحدهما لا يكفان عن النمو في الإنسان، حتى وإن توقف نموه بعد الثامنة عشرة.
- لا امرأة في مهرجان كان تستعمل حافلات النقل العام.
- في أوروبا تلقى شيبة، وما يروم يمشي، وعلى عكاز، وحاط لزقتين في ظهره، لأوجاع متكررة، وشبه ملازمة، ومع ذلك ضارب على رجليه وشوم خضراء، خاصة في العضلة الخلفية الضامرة.
- لا أحد مستريح في كان إلا النساء الإفريقيات، ولا يسألن عن أحد، ما يرهقني تلك الملابس التي يرتدينها في هذا الصيف البحري، ألوان نارية تبدأ بالأحمر والأصفر والأخضر الصارخ والبرتقالي، ألوان تشعرك بأن لا ظل لها، ألوان حارقة، ومع ذلك الدنيا ماشية، ولا مهتمات بشيء، ولا بأحد.
- ما أكثر الحلق في الآذان في مهرجان «كان»، رجال ونسوان، حتى عجز اللسان عن وصف منكرات، ومستجدات هذا الزمان.
- تعلمك الحياة في «كان»، أن ليس كل من كان مسرعاً، هو بالضرورة شخص مهم!