تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

مثل مسافر حالم.. كأن بينه وبين القدس شبراً! رأيت فيما يرى النائم، وكأن الوقت كان علينا ربيعاً، وكان اليوم يوماً قدسياً في صلاته ودعائه، وكأني بين المسافر على جناح غمامة والحالم ببراق يطير، لقد كان بيني وبين القدس شبر، وكان هناك طريق غير سالك من باب الخليل، ثلة من جنود صغار ملامحهم من جهات ثلاث مختلفات، عرفوا الخوف في صغرهم، وحدها آلات القتل تضبّع للعمر الصغير أن يجرب مرة واحدة فقط معنى القتل، تحاذي الجدار ذا الصخر التاريخي، حاضن القدس العتيقة، تهبط نزولاً إلى صحن ساحة باب العمود، تتخيل سحابة ظل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، داخلاً هذا الباب على جمله، مطأطئاً رأسه الحكيم، ومرة.. تسمع همهمات خيل الفتح لصلاح الدين الذي لم يجعله زهو الانتصار يدخل إلا راكعاً، قائماً، باسطاً يديه، مؤمناً الآخر من أذى سيفه.

ترهب الدخول، يجفل القلب الشغوف بهذه المدينة، تتوقف عند بائع العرقسوس والتمر حنا، تأنس بوجه الكنعاني من وحشة المكان، ورهبة التاريخ، ترطب قلبك بشرابه الفردوسي البارد، ينظر إليك بائع الكعك من هناك، تفهمه بعينك، وإشارة من يدك، أنك شبع، وأنك كأنك أكلت من كعك القدس، ربما من عند فرّان في المصرارة، أو في نزلة سفيان الثوري.

تدخل برجلك اليمين مبسملاً، ومحوقلاً، ومهللاً، يشعر التجار القدامى في ذلك المدخل، الصراف، العطّار، أن الخطوة غريبة، وأن التلفت باندهاش، لشخص غريب، وجديد على السوق، وأن الفرح الذي يزاغي صدره العاشق، تفضحه العيون الصبيانية، تبدو المصافحة الأولى لهذا المكان صادرة عن شخص طال به البعد أو لم يسعفه اللعب بالجغرافيا أن يعرف، ويتعرف على مدينة طالما كانت لصيقة بالقلب، وبعيدة عن الجناح.

تدلف ذلك المتعرج، والممشى الحجري من عهد باد أو عهد عاد، تلتقي بوجه عربي مقدسي، بشماغه الأبيض وعقاله الأسود، فلا تعرف أن تميزه، هل هو من بقايا الفاتحين الأُول، جاء أجداده يترادفون المطايا مع الصحابة؟ أم هو من بقايا الجيوش الناصرة؟ أم يمتد جذراً وجذعاً في تاريخ موغل في القدم، كقدم شجرات الزيتون الرومانية.

يحاذي كتفك كتفه، غير أن السنين عكفت قليلاً من استقامته، وطوله، يجول بعينه الرماديتين الباردتين، ويحاول أن يتذكر، ويقول: «مرحبا يا ابني»! «أهلا يا حاج، كيف صحتك»؟ «من الله.. بخير» ويمضي، تدرك شيخاً آخر يتوكأ على غصن زيتون يابس، بلباسه العربي، وكأنه حارب في الثورة العربية الكبرى، ومكث هنا، مغيّراً بندقيته، يتأمل الزيتون حتى سرقت عيناه من لون الزيتون حُسناً، تشد على يده، مصبّحاً: «كيف يا خال..»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates