تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

بقلم : ناصر الظاهري

 كتب لي أن أزور اليمن مرات، لكن الدهشة الأولى تطغى، خاصة وأن الصدر كان مشحوناً بأشياء اليمن القديم والسعيد، وصنعاء تنتظر القدوم عليها حتماً وبداً، وإن طال السفر بالمُعَنّى، كانت هناك صور في الرأس عن المكان وناسه، لكنها لم تصل لصدق ما ستراه العين، فأول ما حطت الرجل وعرفت موقعها، كان المشهد لمكان موغل في القدم، تغطيه غبرة التاريخ، ووجوه منبعثة من الخرائب وما تبقي الحروب، لم يكن المكان يوحي للزائر غير المباغتة بانفصال عن العالم الذي أتى منه: بوابات تئن من ثقل التاريخ، روائح البهار والملح، وخطرفات لأقدام خفيفة، وبعضها شبه حافية، تأتزر بجنبية ومئزر، تعلو هاماتها عمائم هي تيجان العرب، يمكن أن تصطاد من بين المارين على عجل أو مهل، مؤرخاً يكتب عن المنتصر، ولا يغفل رواية المنهزم، قاضياً نزيهاً يتمنى أن لا يكون مع صاحبيه في النار، ثائراً يتبع حركات الفتن والدعوات السرية للخروج عن أمر الخلافة، ويقض مضجع والي أمير المؤمنين، قد يكون من بين المشّائين خطاط يؤانس بين الريشة والدواة والحبر والقلم، تاجر توارث المهنة منذ أيام رحلة الشتاء والصيف، واليوم اكتسب مهارة الدعوة وتوصيل الرسالة في أسفاره البعيدة نحو الشرق الأقصى، بحثاً عن الرزق والأجر، تدخل سوق الملح، فلا يوحي إلا بأسواق العرب في جاهليتهم، حتى إن له رائحة لا يمكن أن تدلك على شيء غير التاريخ وذلك الغبار الذي يتكون مع الوقت وفلول الناس، كنت مندهشاً لحد أن اللغة أيضاً جمدت في مكانها منذ حِمّيَر وبني تُبع اليماني، هل هي العزلة الطويلة التي مارسها الأئمة على اليمن؟ أم هل الناس متمسكون بتلك الأشياء حتى صارت مقدسة مع الوقت، في اليمن لا شيء إلا القديم، وما أبقى التاريخ، حتى البيوت من خارجها وفي داخلها، حتى الجفان من الفخار، وتلك الأطعمة شبه البدائية، لا مظهر للحداثة في تلك العاصمة التي تشعر فيها بضيق في التنفس، عدا عمارة زجاجية للطيران اليمني، تغثي النفس، وتشعرك أنها بثرة وقحة في وجه المدينة القديمة أو ثؤلولاً ناتئاً لا معنى له، لكن بعد أيام تآلفت مع المدينة وروحها، وشعرت أنها مختلفة، وجديرة بأن تتعمق في أشيائها، غير أن تلك الأشياء وخاصة التي لها ذكر في التاريخ حين تقترب منها، وتجدها مهملة، ومستحقرة، وممعن في إذلالها، تتوقف مع كلمة أسى، وآه من عتب، توقفت عند شجرة الغريب، وتعجبت كم هي مهملة، وتوقفت عند «غرقة القليس» وكيف تحولت «كعبة إبراها» لمكب نفايات، وساحة يتعصر فيها المعذورون أو يهرقوا ماءهم، وهي التي كانت أعمدتها من فضة وعاج وحجر كريم، وخشب أبنوس مشغول!

نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates