تجليات في زمن العزلة

تجليات في زمن العزلة

تجليات في زمن العزلة

 صوت الإمارات -

تجليات في زمن العزلة

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

- يقول شوابنا الأولون: «شبابك وإلا أفسلّ به أو أنسلّ به» بمعنى في تلقي الفرصة أو مصادفة السانحة ولو في وقت الجائحة، اغتنمها إما بفسل نخل أو صرم أو بنسل يفرح دنياك.. وقد اجتهدت في بناء حديقة منزلية أسعدت أيامي، وكحلت عيني بذلك الأخضر الريّان، وغدت اليوم بعد أشهرها الستة ملاذاً للطائر.. ومشرباً له في حرقة العطش، جميلة تلك الأشجار التي تكبر أمام ناظريك، وأنت تراها وهي ترقص رقصتها الأولى مبتهجة بالمكان الجديد.
- بقيت لفترة وأنا أعتقد أنني المتضرر الوحيد من الحجر والحظر وكورونا وكوفيد، خاصة لرجل يعشق الجهات الأربع، وكأن الريح تحت جناحيه، تزاغيه المدن، ويطرب لصهيلها.
- خلال تلك الفترة العصيبة لم أدخل حقائب سفري الثلاث إلى مخبئها، بل تعمدت أن تبقى أمام ناظري فلا أنسى المطارات، ولا زهو المدن الماطرة، كنت أحب خريف باريس، لأنه يشبهني، وأحب شتاء سويسرا لأنه يعجبني، وأحب صيف إسبانيا وإيطاليا، وكل تلك المدن التي تحتضن البحر الأبيض المتوسط، وأحب الربيع في كل المدن التاريخية.
- خفت أن تغلبني الجائحة على نفسي الأمّارة بالحب والخير، وتغير من طباعي العفوية والسليمة، ربما هذا كان أكبر تحد لي في زمن الكورونا.
- في هذا الحجر افتقدت ظل نخلة تربت معي، تربتها تضم شعري الزغب الذي ولدت به، تماماً مثلما أفتقد ظل الأم البارد الذي يعطر البيت، روائح العود والدخون، وكلمة «الغالي» التي تسبق هَوّيَة القُبلة التي مطرحها على رأسها، ليته يدوم.
- كنت أهرب في العزلة إلى عزلة أجمل، فيلم، رواية، كتاب في عمق التاريخ المروي، لحظات تأمل وتجل صوفي، الانكباب على عمل إبداعي، أنا لا يهمني الضجيج حين أكتب، مثلما لا أشكو من الهدوء إن جاء صدفة، فقط قبل الحجر كنت أركض خلف ساعات اليوم، لكن بعد الحظر غدوت أهرول خلفها مستريحاً.
- أكثر شيء تحطمه العزلة أنها تمنع عنك ميزة الاختيار التي هي صفة للإنسان وحده، وأكثرها حرية في الحياة، وكما يؤكد «سارتر»: «حتى عدم الاختيار، يعني اختياراً»، هنا عليك المقاومة بالحيلة، لأنها الأجدى والأنجح.
- قرصنوا حسابي على الفيسبوك، فتصالحت مع «تويتر»، وبقي ذلك اللص الظريف الذي ظلت أمه تتمنى له مستقبلاً باهراً في الحياة يوافيني بالمستجدات وآخر النصبات، فكنت أضحك وأتباكى على أصدقائي المخلصين، يعني ثلاثة من دكاترة الأدب المقارن العربي الهندي في أعرق الجامعات الهندية أرسلوا له أموالاً عبر التحويل السريع، وأصدقاء هنا، حتى ظللت أدعو في ليالي رمضان ألا يصل ذلك اللص الرقمي إلى الأعالي، وهم أناس يدفعون ولا يسألون ولا يخبرونك، ولكني عوضت كل من دفع ليس لأنهم محتاجون، وليس لأني لا أقبل الخديعة، ورجل نبيل، بل لكيلا ينعدم المعروف والإحسان بين الناس.
- أنا مهنتي «صانع الفرح»، هكذا كنت من قبل الجائحة، وسأبقى من بعدها، كل الشكر والود والورد لـ«بحر الثقافة» الذين دلّوني على نفسي، وزادوا مسائي عطراً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجليات في زمن العزلة تجليات في زمن العزلة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates