تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

بقلم : ناصر الظاهري

قبل سنوات ليست بالبعيدة.. كنت مشاركاً في ملتقى عمّان الثاني للقصة الذي تقيمه أمانة عمّان الكبرى، حينها التقيت بوجوه قصاصين وروائيين طال الأمد بغيابها، بعضها ضاع في دروب الحياة والهجرات الاختيارية أو المنافي الإجبارية، يبعدني عن بعضهم عقدان من الزمان، كنت رأيتهم حينما كانت بغداد عامرة، وكانوا لا يزالون بعافيتهم، وما تفعله البروتينات في مد الجسد بصحة لا يخفى على أحد، كانوا في وقتها مخلصين لحالة العمر، وما يتطلبه من ملابس زاهية، وشعر منسدل وسوالف كثة، وأحياناً ذاك «السيجار الكوهيبي» المخبأ للمؤتمرات، وجوه أخرى منذ كانت عمّان تحتفي بالأصدقاء ولا تريد أن تودعهم، وجوه من صنعاء حين كان الريال يفعل فعله في السوق، ويُغني اليمني عن فقره التاريخي، وحينما كانت تضم اليمن كل الخوارج غير المرغوب فيهم على جسد الجغرافيا العربية، وجوه من الشام حينما كان الياسمين يضمد جروح الشهداء المنذورين للتحليق مع طيور أجنحتها خضراء، وغناؤها سماوي، وجوه من مصر حينما كانت مصر ترضع أطفال بلاد العرب أوطاني.

وجوه رأيتها في العمر الجديد، وعمر الأمراض المقترحة، ووساوس لا يجلبها الشيطان وحده، وجوه يشعرك بعضها بقرب وداع قريب أو دخول في حالة من اليتم الخريفي، بعضها عرفته من سيماء زهو قديم، وملامح لها حضورها، بعضها بقيت مختفية وراء أسمائها التي ظلت تكبر لوحدها، لا أقول لكم إنني دخلت في حالة من اليباس وغيوم الكآبة، لأنني لم أكن أعتقد أن الجسد الإنساني يمكن أن يذوي ويذهب في جفاف العدم أو يمكن أن ترى صديقاً وكأنك لم تره يوماً أو أنه أصبح اليوم يشبه جاره الذي لا تعرفه.

تغير الوجوه قد يجلب معه تغير القناعات، وتغير الأفكار، وتغير النظرة للحياة، خاصة حين لا يقف أحد من الخيرين معهم أو لا تعرفهم الحكومات الجديدة أو تدمج المؤسسات الثقافية مع الجمعيات الاستهلاكية أو حين يغيب بعد النظر، ويعامل الأديب والكاتب وكأنه عامل في محطة بترول على الطرق الخارجية، بالإمكان الاستغناء عنه حين انتفاء الحاجة، وحين يئن من وجع المفاصل أو تزلزل صدره الأوجاع المبكرة.

ورغم أن كثيرا من تلك الوجوه كانت مصرّة على الحياة والمتع المجبولة عليها، كانت ما تزال تغني للأشياء الملونة فيها، وما زالت تعتقد أن الكلمة هي أشرف المهن، وأن القلم أنزل بسر من أسرار السماء، إلا أن أمراً ما قد حدث، وأن خطباً ما قد حرك الثوابت، وأن كهف الحياة يبدو من بعيد غير مقمر، وأن الظلام يمكن أن يدثر الحياة بسواد مبكر، لكن لأنهم قامات لا ترفع الراية البيضاء، ظلوا يقولون: لا.. لا.. نعم للحياة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي

GMT 10:07 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

استبعاد ياسمين صبري من مسلسل ظافر العابدين

GMT 12:50 2013 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

إعادة طبع رواية "التراس" في حلة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates