الثقافة مسؤولية لا معرفة

الثقافة مسؤولية.. لا معرفة

الثقافة مسؤولية.. لا معرفة

 صوت الإمارات -

الثقافة مسؤولية لا معرفة

بقلم _ ناصر الظاهري

«شو الثقافة»؟ كان سؤالاً مباغتاً ذلك الذي طرحه أحد الأشخاص على جمع من المثقفين من مختلف المهن، حين أراد أن يشرب جواباً سريعاً ومفهوماً، وقريباً من التجارب الشخصية، بعيداً عن النظريات الفلسفية، كان كسؤال الأعرابي للنبي الكريم عن الإيمان والإسلام في جملة أو كلمات موجزة، فقال له النبي الكريم: «لا تكذب» وانصرف، فخفت أن يرهق المثقفون السائل بإجابات مدرسية وأكاديمية عن ماهية الثقافة، ومفهوميتها، وتعاريفها، واختلاف الآراء حول فعلها، ودورها في حياة الأفراد والمجتمعات، فيخرج السائل، وهو أكثر تصلباً وتشدداً ونفوراً من تلك الكلمة «الثقافة»، لأنه كان واضحاً من طريقة طرحه للسؤال أنه ضد المفهوم الخاطئ للثقافة، وهو التشدق والتفيقه والتعالي في الطرح، ويريد أن يعرف إن كان لزاماً عليه تغيير رأيه في قيمتها، واحترام من يمثلونها، وقد حاولت أن أجيبه في ساعتها بطريقة عامية، دون استشهادات وشهادات من مفكرين وفلاسفة، بل ما فعلته الثقافة في النفس، وأنها هي من تصنعنا، وأساسها الوعي والإدراك والمسؤولية، وإلا لما كان الخطاب القرآني لذوي الألباب، واشتراطه للاقتراب من العلم الإلهي: اليقين والبرهان والسلطان والحجة، نخرج من تلك المفاهيم الأولية والضرورية لفهم ما هي الثقافة، ومن هو المثقف إلى ما تفعله من عظيم الشأن في حياتنا كأفراد ومجتمعات، وما تلقي على كواهلنا من التزامات ومسؤوليات.

إن أول عمل تعمله الثقافة في حياتنا الفردية والجماعية أنها تجعلنا نتغير للأحسن، ونتطور للأرقى، فهي قادرة أن تقلم من شراستنا التي ورثناها كحيوان على هذه الأرض خلق للصراع من أجل البقاء، وتعمير الأرض وسكنها إلى حين، فإن كنا بعيداً عن الثقافة وقيمها ومعارفها وشروطها نظل نمجد كل ما نفعله من شرور، معتقدين أنه فعل تدفعنا إليه نفوسنا وطبيعتنا، أما المثقف فيعمل عقله ووعيه للتمييز والتفريق وموازنة الأمور، فينتصر لقيم الخير والحق والجمال، ينبذ العنف والظلم والاستغلال، ويذهب لنظافة النفس والأشياء، يرتقي ليفهم العالم والخالق والموجودات، أن لكل شيء غاية، ولكل شيء سبباً، وهو في الحالتين يبحث عن التفسير، ويكون قريباً من الأسئلة الكونية والصغيرة، لا يخشى من وطأة الأسئلة أو يخاف من جنوح العقل، ولولا تلك الأسئلة القديمة لما عرف الإنسان النار وقيمتها وبأسها ودفأها، ولما عرف الماء وسره المقدس، وجبروته ونفعه، لا مكان للشيطان حينما يكون العقل واعياً، والعلم حاضراً، والوعي حاكماً، الثقافة يمكنها أن تعود بك للعمل، لأن شيئاً مهماً عليك أن تنجزه بعيداً عن عيون مديرك، يحضانك نداءان قويان: العقل والقلب، الثقافة يمكنها أن تجعلك تسبر الحجب والمستقبل، فتزرع في مكان قفر شجرة سيستظل بها أحفادك، الثقافة باختصار أن تعرف كيف تعيش الحياة، وتعرف معنى ألوانها، وأفق التسامح فيها، ومسؤولية الحب العميق فيها وتجاهها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة مسؤولية لا معرفة الثقافة مسؤولية لا معرفة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates