تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

لولا الأسفار لكنت غنياً بالمال، فقيراً في الحال، غير أنني فضلت غنى الحال عن المال، فكانت الأسفار المتتالية والمتتابعة، والتي لا أحب أن تنتهي، فلا أحد يدري عن الرحلة الأولى له في الحياة، ولا الرحلة الأخيرة، وهذا أمر تقوم عليه الحياة، وفلسفة العيش فيها، وحسابات الماضي والحاضر والمستقبل التي تشكل عمر الإنسان، غير أن السفر الأول، يبقى في الذاكرة محفوراً، لا تنسيك إياه كثرة الأسفار والتنقل الدائم، فذاك السفر كان مصحوباً بأشياء كثيرة، أولها الخوف الذي سيظل يتناقص ثقله مع الأيام، وتجارب السفر، ولكنه باقٍ بقدر، لأن الخوف من المجهول طبيعة من طبائع الإنسان، ثمة أمور متعلقة بالسفر وطقوسه، ستتخلص منها، وعادات مصاحبة للسفر قد تنبذها، وأشياء ثابتة، وبسيطة قد تظل معك، ولا يمكنك الفكاك منها، وأشياء مكتسبة، وتتراكم منذ الرحلة الأولى.

لو أن كل إنسان دوّن قصة السفر الأول، وما سبقه، وما لحقه من أشياء، وكيف شعوره وهو على متن طائرة محلقة أو على ظهر سفينة مبحرة، كيف هو شعور الإنسان أن يكتشف أن هناك أماكن في هذا العالم غير قريته ومدينته وبلده، وأن هناك أشياء مشتركة بينهما، ولو فصلت بينهما محيطات وصحارى أبعد من مد البصر.

مشكلة السفر الأول إن كان في مرحلة الطفولة، والذاكرة خضراء، ولا وعي أو معرفة تسندك، سيبقى شيء من الغبش والظلال، وأشياء حلوة تتمنى لو قادر أن تفهمها أو تستطعمها، أشياء جميلة، ومفرحة وبس.

رحلتي الأولى في الصغر كانت للبحرين، والبحرين يومها تعد بعيدة، والمسافات وآلات النقل حساباتها غير حسابات الوقت الحاضر، وهي متطورة عنا كثيراً، وفيها أشياء كأنها الحلم والدهشة، يكفي أني رأيت أول تلفزيون ملون عندهم، ورأيت طبقات عديدة من البناء المتراكم فوق بعضه بعضاً، يفوق طول النخيل العواوين، وأكبر أشجار العين، لم أكن أعرفه، رأيت أشياء كانت غريبة، لكنها اليوم مألوفة، لو ذكرتها لما عرفتم دهشتها، لكن عدّوها كأول مرة تشاهدها العين، كأن ترى مكيف هواء لأول مرة يبرد وهو ساكن في الجدار كالروزنه أو سيارات كالدواب تمشي على الطرقات، أشكال وأرناق، تختلف عن سيارة «حياة غريب ويحيى وعبدالله كشيمات».

في ذلك السفر الأول، كنت كل يوم أرى جديداً وغريباً، وكنت أحاول أن أجد له مسميات أو مشبهات، فلا أجد له إلا الأسئلة التي ألقيها على والدي أو على ممرضات مستشفى «نعيم»، يومها كنت صديقاً للكبار، ولا أحد معي من أترابي، كانت أشبه برحلة لفضاء خارجي أو الدخول في أسرار غابة الحكايات، لذا ستكبر الأسئلة مع العمر، ويكبر الفضول، وسيكبر حب السفر، لأنني سأظل دوماً باحثاً عن شيء مدهش، وعن شيء جديد وغريب، وبلا مسمى...
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates