بقلم : ناصر الظاهري
- أتعجب من بعض النساء المتعلمات، وبعضهن طبيبات حين ينسين أنفسهن، ويقلن: «والله عين وصابتني» أو «والله فلانه عينها حارة، نظلتني» وتنسى أن سبب طيحتها، وسبب سعلتها تقلبات الجو، والفيروسات التي فيه، وأن سبب توعكها وآلام بطنها، أنها ما تروف بحالها، وتلايم الأخضر واليابس، ودوم نفسها تشتهي هذا، وما تعف عن هذا، شو يخص عيون الناس، وأنت تتخطرين بكعب، وعباءة طويلة تسحب، وعيونك في الـ«آي فون» وتطيحين على وجهك!
- أتعجب من بعض المطربين والمطربات في صورهم الجديدة، وهم «كاشخين» - من كشخ الثعلب بانت أسنانه الخلفية- بتلك الابتسامة السيراميكية، والضحكة التي من دون سبب، وكأنه بايت عليه هلال العيد، حتى يصعب على الإنسان أن يصف وقفة المطرب أو المطربة في تلك اللوحات الإعلانية، مع تلك الابتسامة «الهوليودية»، هل هي دعاية لأسطوانة جديدة أم لمعجون أسنان، أم يراد بنا أن نبارك التركيبة الجديدة و«الفينير»؟
- أتعجب من زوجين عاشا معاً حتى هرما، وأصبح لأولادهما أولاد، أن يزعلا من بعض، ويتخاصما في خريف أيامهما، وقد ولى نزق الحياة، وغطرسات العمر، ولم يعد للمغامرة أي معنى، كان الخير لهما أن ينسترا في بيتهما، ويجددا حبهما الذي تكسرت أغصانه، ويلتفتا لبعضهما البعض، ويأخذا بالهما من أدوية بعضهما البعض، والتي يبدو أنهما لا يتناولانها بانتظام، حيث لا مفر لأي منهما، فلا هي بذلك الجلد المتراخي، كإهاب لم يدبغ بعناية، ولا هو بذاك الوجه الذي يشابه كرش خروف العيد قادران أن يجدا من يقاسمانه الضحكات المتبقية!
- أتعجب كثيراً من خيال بعض الأطفال كم هو جامح، ولا سقف يحده، ولا يعقد لسانهم إلا ما تفرضه تأتأة العمر الصغير، تكتشف ذلك حينما يسبقك أحدهم، وينطق بشيء غائب عن لحظة تفكيرك، وبعيد عن تخيلاتك، أو ملجوم بحدود ومحاذير وتحفظاتك الكثيرة، فلا تملك إلا الضحك من القلب أو التشجيع أو الإعجاب مع قبلة بودك أن لا تشبع منها!
- أتعجب من ظاهرة غريبة عندنا، تستوقفك امرأة متنقبة أو مخدرة، لا تظهر من السواد الذي يغشاها إلا عينين فاتنتين بكحل زائد حبتين، ونضارة الشباب الرطبة على أصابعها المفتولة بنعومة، وتحاول أن يكون اللقاء وجهاً لوجه قصيّاً، فتنكسر عيناك، ولا تستطيع أن تبرّق فيها، لكنك تدرك أنها مشروع شحاذة بدرجة تاء التأنيث، تريد أن تعمي عينيك، وتأخذ نصيبها من جيبك، فتعرض عنها، وتقول: ليتها ما عرضتني لمثل هذا الموقف، لقد جرحت أنوثتها بنفسها للتو، ولكي تردك لنقطة الغواية، تشف العباءة عن تشكيلات من كثبان وهضاب لا تخطئها عين الرجل، وتقول لك: «أرجوك.. أسمعني.. أنا مش طلاّبة، ولا أدور على البيبان، لو سمحت.. من فضلك لا تفهمني غلط».. تعطي ظهرك للإغواء الغامض، وتقول: «أنا بصراحة.. أريد أن أفهمك غلط»!