بقلم : ناصر الظاهري
- بعض المحللين لا بد أن يحلّوا بطونهم قبل أن يحلّوا ضيوفاً علينا كمشاهدين أو أقلها يحللون نسبة السوائل في أجسادهم؛ لأنهم ينضحون بكل مياههم المحتبسة، كما يجب عليهم أن يحللوا لقمة عيشهم التي يهبشونها من المحطات، بكلام يفرح الرأس، ويجعله يتمايل فرحاً بفكرة عقلانية، ومعلومة مهمة، هؤلاء المحللون النكرة كل رأسمالهم «لُغب» ومفتوح على كل الاتجاهات، ويهرفون بما يعرفون، وبما لا يعرفون، وبعضهم يشعرك أنه على اطلاع على سر أزرار الصواريخ العابرة للقارات، وأن الإدارة الأميركية بكل أجنحتها السياسية المتصارعة والمتصالحة لا يغيب عنها مشورة «أبو شنب مصبوغ» في قضايا مصالحها في الشرق الأوسط واستراتيجيتها في القرن الأفريقي، وذلك الصنم القديم الذي لا يزال يعتقد بقوة الاتحاد السوفييتي، يتمنى لو ينصب «بوتين» على رأس حركات التحرر العالمية، ونقابات العمال والفلاحين، «خريط» المحللين لا ينتهي، وليت المحطات تسجل لهم، وتعيد حديثهم بين الحين والحين، حين يظهر العالم وجهه المشرق، وتظهر وجوههم وحدها مسوّدة، فلا حرب عالمية قامت، ولا زالت بلدان من على الخريطة الجغرافية، بل أخبار مفرحة ضد السرطان، وضد السكري، وبحوث متطورة في علم الجينات الوراثية، على المحللين أن يغلقوا أفواههم ولُغوبهم المفتوحة على خراب العالم، وعلى المحطات الفضائية أن تغلق صنابيرها المالية لكي يسكت هؤلاء المثرثرون إلى الأبد.
- هذا الصيف.. وكل صيف، وظاهرة الطلاب المتعثرين في صفوفهم الدراسية العليا، والمحكوم عليهم في المكوث هنا في الحر، والفرحين بطَرّ شواربهم عن رجولة مبكرة يريدون أن يثبتوها بالغصب للناس وللمجتمع بمخالفة بعض القيم والأعراف والقوانين وحتى الآداب العامة، فتجد الواحد «متزرر» بكندورة العيد، ومبالغ في تخطيط اللحية المُخضَرّة قليلاً، تشاهدهم يذرعون «المولات» بلا فائدة تذكر، وتقنصهم عينك وهم يجرّون ويشفطون من «مداويخهم» في مقهى عام ومغلق، تأومه عائلات لا تريد لأولادها الصغار والقريبين من أعمار «هل بالمداويخ» أن يروا فعلهم وشفطهم، ودوائر الدخان معاليهم، و«صَرّة الدوخة» يمارون بها، وضربة المدواخ على طرف الطاولة، ينبهون الغافلين بها، مثل هؤلاء تصبح قاعة السينما الباردة تضوي بالنيران غير الصديقة، وقد تشم عكّورة عن يمينك أو تسبب عن شمالك في نوبة عطاس من زوجتك الحساسة، والتي ترقد عادة في قاعة السينما، وكأنها مستلقية على رِجل جدتها العجوز، وهي تسمع «لحزاها وخراريفها»، مثل هؤلاء الأشاوس يخرجون «مداويخهم» في ممرات «المولات» التجارية، وكأن حالهم يقول: «شوفوني»، وإذا ما شاهدوا عباءة طائرة، مثل «براشوت» حَالّ على سمرة، تبعوها بأرقامهم وهواتفهم وأغانيهم وكلماتهم السمجة أو السهجة، وإذا ما وجدوا تجاهلاً من فتاة غير راغبة أو وجدوا وداً ولطفاً من فتاة راغبة أو حتى تعادل الميزان على من الفتيات المتمنعات وهن الراغبات، خرجت «المداويخ» دفعة واحدة، وكأنها سلاح أبيض للحاجة، والتنفيس عن النفس أو الزهو بالمنجز النسائي أو البطرة بالمرجلة المبكرة!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد