تذكرة وحقيبة سفر  1

تذكرة.. وحقيبة سفر - 1

تذكرة.. وحقيبة سفر - 1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر  1

بقلم : ناصر الظاهري

حين تخضرّ الأرض بالحب، تتداعى على الشيخ الفاني، المتفاني في مستراح قيلولته تحت نخلته، وهو يعد على أصابعه، وينسى، يتذكر، ويسهو، ما رأى في ما يرى النائم من طيف إحدى عشرة امرأة، تقاسمن رعاف القلب، وتعب القلم، دثرهن في ثنايا الذاكرة، يتمنى اليوم لو يقدر أن يقرع أبوابهن، حاملاً قبلاً مخبأة، وزهر توليب أحمر، ليقول لهن: صباح الحب الذي كان.. ويكون:
- صغيرة كانت، وكنا، أيقظنا المطر فجأة، وعرفنا طرقاً أخرى يسلكها الماء، ويعرفها النخل، وعرفنا أن لشجرة الليمون ظلاً من بارد الوقت، لم يكن غير فرح الضحكات، ورقص القلوب الصغيرة المتوثبة، ومشاطرة الأشياء حين تشبه براءة العمر، وذلك العبق الندي لشيء من الياسمين والفل، الريحان المتكئ على جدار الطين، لشيء من زهر الرمان، والتين، حين يرطب التين، تكاد وحدها من تحضر، حين يحضر المطر، يصبح القلب مبتلاً بها، ومختضلاً برائحتها، رائحة العشب، ودفء بيوت الطين!
- كبيرة كانت، لها خفة البدو، صغيراً كنت، مغادراً للتو سكن البراءة، متلمساً تضاريس الجسد، كان لها إغواء من مسد، كان الثوب العربي، وخط البرقع، وروائح البخور، ودهن العود، وتلك اللهجة الخارجة من ذهب الرمل، حد البحر، منعطف الجبل، مسلك النخل، ظلت كبشارة آتية من الظهر، باسم ذاك الولد، ما زلت أتذكر حتى هذا النهار، أن لها غواية من مسد!
- هي فرحة الحديث، وبشارة الهاتف الجديد، كانت صوتاً يسرب لي كل شيء منها، عطرها، ساعة غضبها، وارتباكها، كسل نومها، لون سريرها، والأغاني الكثيرة التي تبعثها، وكأنها حديث متمم لحواراتنا، معها كان السهر، وكان التلكؤ في السفر، كانت لها حساباتها الخاطئة، وكنت فاشلاً في الحساب، كانت بمثابة أيقونة لعرس وثني، لكنها غابت بحساباتها الخاسرة، تاركة تلك اللحظة التي لا تغيب، وهي في آخر امتحاناتها!
- لا يمكن أن أتذكرها، ولا أتذكر لوحات المستشرقين في لحظات الوجد، والسُكر، والهيام بالشرق، امرأة مُتحفيّة، ولا أزيد، كانت لها هبات، تجمعها وتصرها في كفها، ثم تلقيها عليك هكذا، كان لها طعم من ثمار الجنة، وكان لها رعاف القلب والقلم، كان لها الكثير الذي يمكن أن يخبئه قفص الصدر، كانت مشروعاً لم يكتمل نحو بناء بيت من سعف النخل والطين، فرقتنا فرنسا، ولم يجمعنا الحنين، لكنها ما زالت وشماً على الجبين!
- كان لها من حلو الرضاب ما يختصر المسافات، كانت تعشق المغامرات، وجدتها والمعبد خال، خاو على عروشه، كانت كغيمة شرود، كنغمة طروب، كانت كصبايا معابد الإغريق، وأود أن أزيد، كان يمكن أن تحسب مفاصل الظهر ولا تعيد، وحدها اليوم من كان لها سُكر من عنب، وخدر من قصب وعصب، كان لها كل الأجر، وكان عليّ الإثم والذنب والذي لا يغتفر! وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر  1 تذكرة وحقيبة سفر  1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates