لا تأسَ على شيء  1

لا تأسَ على شيء - 1

لا تأسَ على شيء - 1

 صوت الإمارات -

لا تأسَ على شيء  1

بقلم - ناصر الظاهري

ربما لأنني شبعت من المؤتمرات والملتقيات والندوات، رغم أنها كانت من المؤسسات للمعرفة الأولى، والمحفزات على العمل الإبداعي، وأطربتني وقتاً حين كان الصدر متسعاً، ولا يأسَى على شيء، لكنني أجدني اليوم ملولاً ضجراً، وعافّا، خاصة أن البعض يصر على أن يجلدك بخطبة غير رنّانة، وآخر يكاد يلتهم «الميكروفون»، وكأنه صيد سهل، والبعض الآخر يقول أي شيء، ليثبت الحضور، ويقول لامرأته حين عودته منهكاً من الكذب والتجمل: اليوم تفوهت وأفحمت وحذقت في مداخلتي، لذا غالباً ما كنت تنصرف تركض خلف ذاك الصبي المشاغب في داخلك الذي يترصد الحركات، ويقرأ الوجوه وما بين السطور، وما في الصدور، والذي يفرحك بتعليقاته البريئة، ونشدان البسمة، يطوف على الحضور يستشف من نظراتهم، ويتساءل: لماذا هذا القاعد على كرسي من فراغ، بالغ اليوم في حلاقة ذقنه حتى احمرّ صدغه ولمع؟ ولِمَ تلك المرأة المتصابية تشبه كاهنات المعبد في كحلها الثقيل، وصيغتها الفضية الكبيرة، وعطرها الأنثوي الذي يبدو في غير وقته، وكأنه ودّع رجالاً فروا باكراً من الحياة، باتجاه مقابر بعيدة، وغير واضحة المعالم؟ أو ذلك الشاعر بنشيده المدرسي، وكأنه لم يكبر أبداً، ولم تعلّمه سيرة الشعراء العظماء معنى الشعر، وكيف يمكن للدهر أن يكون منشداً؟
يبقى ذلك الصبي المشاغب يتلاعب بعقلك، ويدهيك نحو أمور كثيرة، غايتها سرقة ضحكة تزاغيه أو خطف ابتسامة تبرّد قلبه، ولا يجعلك كما أراد داعوك الرسميون مشاركاً فاعلاً على طريقتهم بتدبيج عبارات الثناء على العلاقات الثنائية التي هي دائماً مشتركة، وعلى تمتين روابط الأخوة التي هي دائماً صادقة، كان غالباً ما يحرّك فيك حس المصور الذي يتخلى عن لبس بدلة رسمية عتيقة ظلت حبيسة خزانة خشبية احترقت من لونها البني، ونَسيتْ تاريخها الهارب بالوقت، حين كان للبدلة ذات الصوف الإنجليزي الأصيل حضورها، ومصدر فخر لذلك الخيّاط الذي بقي يهرم في دكانه ومهنته، وفضّلتَ عليها الملابس الهفهافة الكتانية التي تغني للحر ولفرح الألوان الخارجة من زرقة البحر، والتي يمكن أن تستدعي بحّاراً إيطالياً مغامراً من أماكن بعيدة محاطة بسماء من اللازورد، فقط ليقول لمن يهوى: «بومبينو.. آموري ميو».
قد تدهشهم بفكرة صغيرة ومغايرة بعبارات قليلة، لكنهم ككتل رسمية إسمنتية يريدون طبقات من الكلمات المكررة والدسمة التي تراها ثقيلة على الكبد خاصة في الصبح، تريد أن تكون خفيفاً وصادقاً، وتريد الدخول للموضوع مباشرة، بعيداً عن الخطابات الترحيبية البلاستيكية، وحنحنات ما قبل قبض الميكروفون، والمزاحمات على التقاط الصور التذكارية، والتي تظهر في المزاحمين بأكواعهم الحادة، وضربات أكتافهم غير القانونية، حتى تجد نفسك على طرف الصورة كخنصر صغير، وغالباً لا يبين منك إلا عقالك الذي لا يشبه عقال أهل البصرة، فتعرف، ولا عقال الشطفة، فتميز، وحدهما عيناك تلمعان من بعيد مثل عيون «تايواني» فرح جداً.. سعد صباحكم، وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تأسَ على شيء  1 لا تأسَ على شيء  1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates