تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

في السبعينيات، ومن كان قبلنا من أجيال الخمسينيات والستينيات، كل يمدح دهره الذي مضى، كان بإمكان الواحد أن يحمل تذكرة، وحقيبة سفر، ويتنقل بين بلدان عديدة تفصل بينها بحور، وتوجد بينها حدود، ولا أحد يسأل عنك، ولا ما تحمل، ولا أين وجهتك؟ والأهم أنك لا تحتاج لسمة دخول لها «فيزا»، كان الخير ما زال في الناس، والأشرار لم يولدوا بعد.

في تلك السنة التي تودع السبعين، داخلة عتبة الثمانين، ذهبت للدراسة في لندن، ومكثت شهرين، واستقررت عند عائلة إنجليزية، وبأجرة أسبوعية، لا تتعدى الواحد والعشرين جنيهاً إسترلينياً، ورغم أن الإسترليني يومها بتسعة دراهم، فإن «البوند.. بوند»، تذهب للمطعم التركي، وتمزر بطنك بـ«سندويتش شاورما، وخبز تنور، وسلطة، وكولا» بجنيه إسترليني، ليس الآن.. صاحب المطعم اللبناني، الجنيه الإسترليني عنده يشبه الليرة اللبنانية، وتظل تشكو من أن أكله شبه بارد، والحمص محمض، ولا تصدق قسمه الذي يصرّ على أن يحلف دائماً: «بشرفي»، سائق الأجرة اللندني في ذلك الزمان، يظل يطوف بك تلك الشوارع، وفي الآخر، ينزل ويفتح لك الباب، بتهذيب تقليدي، اعتاد عليه، وفرضته عليه مهنته، تقبضه ما يسره، ولا يتعدى الجنيه ونصف، والبقشيش بنسات قليلة، وينحني لك بأدب كأي «جنتلمان إنجليزي» بالغ التهذيب، الآن تسمع السائق الباكستاني يتأفف قبل أن تركب تلك السيارة التي ذهبت نظافتها، وحضر عطره الكفني، السائق الأفريقي «الكومنولثي» يتمنى أن تكون فتحة العداد بحجم فتحة أنفه، وليت الزبائن لا يثرثرون معه كثيراً في ساعات ضجره، وهي كثيرة، غابت الأصالة والبساطة والتقليد الإنجليزي الصارم، وحضر الغلاء، وعدم قيمة ما تقدم، وانتقل الشارع من نظافته، وهندام الناس المعطر «بالآفندر الريفي»، وحب الممشى لتستبشر بالناس العابرين، وحلّت مكانها لغة الشارع الفجة، ومسبات تطرق الأذن بخشونة، وتفاصيل كانت جميلة في حياة الناس، لكن ذهب رقيها، وسمو ألفاظها ومعانيها.

بعد لندن ركبت قطاراً، ثم أبحرنا باتجاه فرنسا، وبتذكرة طلابية «أون ديك»، ثم قطاراً آخر حتى باريس، ولا أحد يسأل عن «جواز سفرك، ولا فيزتك»، ولا تلك النظرة التي يرمقك بها موظف المطار الإنجليزي الآن حين يرى التكويرة على رأسك، ولا يعرف لها اسماً، وفيما تنفع في هذا الوقت، لكن مثلما ودعت الجنيه الإسترليني العريق، استقبلني الفرنك الفرنسي «الحر»، وبأجرة لا تتعدى الستين فرنكاً استطعت أن أجد مكاناً في نُزل الشباب التونسي، صحيح أن الحمامات عامة، ومشتركة، والاستحمام يحتاج لتنقل بين الممرات بالفوط القطنية الرخيصة، المدموغة بعبارة: «صباح الخير»، لكن بعشرين فرنكاً تستطيع أن تجلب دجاجة ظلت تتقلب على «الشَوّاية» ساعات، وخبزتين «باكيت» من الذي يحبه قلبك، وزجاجة كولا بحجم عائلي، وبطاطا مقلية بلا قياس.. وغداً نكمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates