باس

"باس"

"باس"

 صوت الإمارات -

باس

بقلم : ناصر الظاهري

كنّا في بلاد ووقت لا أحد يحمل جواز سفر، لأنهم لا يعترفون بجواز، ولا ينوون على سفر، والبلاد المجاورة لا يطلبون تلك الأوراق، وإذا ما اضطر الشخص لسفر إلى «العالي» للعلاج أو بغى حجاً للديار المقدسة، استخرج من الحاكم ورقة تسمى «بروه»، وهي تشبه الشكل القديم لجوازات المرور، حيث لم تظهر الجوازات بشكلها الحديث إلا بعد تطور التصوير الفوتوغرافي، وكان يطلق على تلك الورقة لفظ مخترعيها الفرنسيين «laissez passer»، ومنها جاءت كلمة «باسبورت»، وكنا نحن نسميه في عاميتنا «باس»، وأصل كلمة «بورت Porte» الفرنسية، وتعني البوابة، ويومها كان لكي يدخل الناس المدن عليهم الدخول من بوابات أسوارها، وكانوا يحملون «pass porte»، وقد عرفت إبان العصور الوسطى، لكن أقدم أنواع جوازات السفر، وأولها كان عام 450 ق.م، عندما أعطى ملك الفرس «أردشير» ورقة لـ «نحميا» خادمه ليعبر إلى «جودا»، فحمّله ورقة لحاكم بلاد خلف الأنهر، يطلب منه السماح بعبور «نحميا» أراضيه بأمان، وقد سافرت وأنا صغير اضطرارياً بتلك الورقة «البروه» إلى البحرين، أما أول جواز حصلت عليه، فكان لونه أحمر، تابع لحكومة أبوظبي وملحقاتها، وكانت بطاقة الهوية حمراء بدفتين، ثم ظهرت البطاقة الحمراء ذات الثلاث طبقات، ولعلني أذكر إذا ما خانتني الذاكرة أنه كان عند أبي جواز سفر لونه كحلي على قماش، يشبه لون جواز سفر الإمارات الآن، يعود لبداية الخمسينيات أيام حكم الشيخ شخبوط رحمه الله، ثم جاء الجواز الأحمر بعلمين متشابكين، أما جواز الإمارات فكان لونه أسود ثم أصبح كحلياً، هذا الجواز اليوم ترتيبه عربياً الأول، وعالمياً التاسع، وهذا جهد متكامل ومتراكم لم يأتِ بالسهل، بل تتويج لأعمال كثيرة، وعلاقات متينة، أرساها المغفور له الشيخ زايد، وأكملها صاحب السمو الشيخ خليفة، ويتابعها باهتمام واقتدار صاحبا السمو الشيخ محمد بن راشد، ومحمد بن زايد، إن هذه المكانة المرموقة لجواز سفر الإمارات كان دونها خرط القتاد، كما يقول العرب، هو نتيجة تلك الدبلوماسية الراقية والصامتة والهادئة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد، ويمكن أن ننعتها بالدبلوماسية الراقية، لأنها متكاملة، وصامتة لأنه لا يحب المزايدة، وهادئة لأنه لا يحب الشعارات.

ولعلني أختم بسمو الشيخ عبدالله، فقد كنّا بمعيته بعد فتح القنال بين فرنسا وبريطانيا، وكنا يومها آتين من لندن نحو باريس عبر «الأورو تونيل»، وكانوا قد حجزوا مقاعدهم الأولى الوثيرة، ورموني أنا وحقائبي العسكرية في «الكريل»، لأني كنت متأخراً في الوصول، ولأنني انضممت لهم مؤخراً في السفر، لكن ما أن وصلنا باريس بعد تلك الرحلة المريحة، والتي نجربها للمرة الأولى، حتى كنت بعد دقائق خارج المحطة أنتظرهم، في حين تأخروا هم ببطاقاتهم الأولى، وبجوازات ربما دبلوماسية، وحقائب مخملية، لمدة نصف ساعة، وحين خرجوا كان سؤالهم: كيف؟ ولَم أجب، تاركاً الأمر لمخيلاتهم التي كانت تقول: «يا أبوي.. هاي بلاده»! فقط الأمر الذي لم أقله أني كنت أحمل «carte de sejour»!
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باس باس



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates