المحجور والمحجوز وخارطة الطريق

المحجور والمحجوز وخارطة الطريق

المحجور والمحجوز وخارطة الطريق

 صوت الإمارات -

المحجور والمحجوز وخارطة الطريق

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

لا فرق لغوياً بين المحجور والمحجوز إلا نقطة، لكن الحال من بعضه، خاصة إذا كان من المتقاعدين، فإن يومه يبدأ مع صلاة الفجر، فالساعة البيولوجية ما تزال مضبوطة على أيام ما قبل التقاعد، الاستيقاظ مبكراً، سيعدّه الأولاد، وبالتأكيد الزوجة من الأمور المزعجة، الحنفية وتدفق الماء في الحوض أثناء الوضوء، وما يتبعه من مضمضة واستنشاق واستنثار، يكفي لأن يصحو جارك المتكاسل عن صلاة الفجر، وهو بداية تقلب الأولاد وأمهم في الفراش، وإبداء امتعاضهم على الريق، تنهض تريد قهوة وفطوراً، تقول الشغالة لا تجيد عملها، غير تلك الشكوك الكورونية التي تنتاب الجميع، وتظل العيون دائماً مسلطة على اليدين بدلاً من الوجه، تلوذ بركن قصي، وتقول سأقرأ الصحف إلكترونياً، تتأبط «الآيباد»، وتظل تتنقل وتقرأ حتى تشعر بنوع من السِنة تحوط حول جفنيك، فتقفز لا تريد النوم، تتمشى في ذاك البيت على أطراف أصابعك، يبدأ الأولاد بالنهوض الكسول لتلقي دروسهم عبر «التعلم عن بُعد»، تفرح، وتأتي مُسلماً مبتهجاً، تجد وجوه الصغار وأمهم أشبه ما تكون بوجه من أصبح ووجد راتبه مخصوماً النصف، جميعهم يردون السلام من دواخل بيجاماتهم، تنسحب إلى الحديقة الخلفية للمنزل، لا شيء حي غير شجرة جهنمية تستدعي طيوراً لا تمكث طويلاً، تأتيك رسالة من «غروب» متكاسل، فيها إحصائية المصابين الجدد بالفيروس، والتي قرأتها أمس المغرب، رسالة أخرى صباحية من صديق عن فضل صلاة الفجر، ودعاء يغلب عليه السجع، يقطعون عليك تأملك، تعاود تستعرض الحديقة لا شيء مبهج هذا النهار، يقرقر بطنك، تنتظر الزوجة حتى «تستفيق»، وتتابع أولادها، وتتأكد من جاهزية حواسيبهم، بعدها تصنع لك قهوة وفطوراً تشك أنه غني بالألياف، تجلس صامتاً، منصتاً، ستظل تتحدث عن الكورونا مثل كل يوم، ينتهي الفطور، وتبقى بعدها مثل المضروب على رأسه، لا تعرف ماذا تفعل؟ تتصل بصديق، وبعد العتب عليك منه، يفتح لك سيرة الكورونا، تتخلص منه بسرعة، قبل أن يصيبك التثاؤب، ويهجم عليك الاكتئاب، تفتح التلفزيون، تسمع صريخ الحرمة: «خفض الصوت العيال يدرسون عن بُعد»! تلبد في مكانك، تحاول أن تفهم على مذيع نشرة الأخبار من خلال قراءة لغة الإشارة، وتتابع شريط الأخبار المتحرك، تقلب على قناة «ناشيونال جيوغرافيك»، بعدها تظهر قناة واحد دجّال يبيع الأعشاب في زمن الكورونا، ثم قناة الحاجة «حسنية» التي تجلب الحبيب، وتفك السحر، وتحوطك بالحجب عن الإصابة بالكورونا، تهرب نحو الثلاجة، لا تريد شيئاً، بس قلة شغل، تفتحها مرتين وتسكّرها، تطلع إلى السطح، تشاهد سيارتك مُغبَرّة، تتأمل الحي السكني، ولا «سكّني ظاهر برا»، تذهب للغرفة، تسمع الحرمة تصرخ: «اطلع.. خَلّ الشغالة تنظف الحجرة»، تتأمل رفوف المكتبة، تشعر أنك لا تريد أن تقرأ، تفتح «ألبوم» صور قديمة، تمضي الساعة، وأنت تسترجع تلك الذكريات بلذّة، وتعنّ عليك أغاني «ميحد حمد» القديمة، تأتي الحرمة، وتحسدك على ذكرياتك، فلا تجد شيئاً تقوله إلا: «شو رأيك أحط لك أغاني ميحد حمد القديمة.. قم شوف لك شغل» تنزل المطبخ تتبعها، فتصرخ: «اطلع برا..»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحجور والمحجوز وخارطة الطريق المحجور والمحجوز وخارطة الطريق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates