تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

بقلم : ناصر الظاهري

زرت إدلب مرتين، مرة قبل سنوات ست أو سبع مضت، لكنها لم تكن تشبه تلك الزيارة الأولى في أواخر السبعينيات، حين كنا في نهاية الصفوف الإعدادية، وكان السفر لنا حينها ضرباً من الفرح والفضول والمتعة، وانفتاح على دنيا لم نكن نعرفها، إلا من خلال تلفزيون لا يلتقط المحطات بوضوح، وراديو يصر كثير من الآباء أن لا يشغّلوه إلا أثناء نشرات الأخبار، وكلام قليل من معلم الجغرافيا الذي يصرّ كثيراً على عدد السكان، وكم تبلغ مساحة البلاد.

كنا في تلك الصيفية مجموعة من الأصدقاء وزملاء المدرسة المتفوقين، وكانت تلك الرحلة مكافأة لهذا التفوق، زرت يومها دمشق وحمص وحلب واللاذقية، وحين أدركنا كسب، اعتقدت أنني في أعالي العالم، كان صيفاً غير أن أجسادنا ارتعدت برداً في تلك المرتفعات، وهواء الأشجار التي تناطح السماء، والتي نراها لأول مرة، وكأنها من وحوش الأساطير، لأن أقصى ما كنّا نراه طولاً بين الشجر، العوانة من النخيل، غير أنها لا تعادل ربع جذوع تلك الأشجار الباسقة والتي تشعرك بمهابة الغابات المرعبة، وصلنا يومها حتى الحدود التركية، وطفنا بمدن أخرى، لعلها أجملها كسب، والتي استقبلنا فيها الأطفال كفوج ربما اعتقدوا في البداية أنه من جهات أفريقيا غير العميقة بتلك الوجوه المسمرة، و«الكشيش» التي تشبه كشة الواحد رمثة قديمة، ملت من حرقة الصحراء، ومجاورة شجرة الأشخر الحزينة، فقط ما أنقذنا قليلاً اللسان العربي، ومعرفة شخصية «غوار الطوشه»، ومثلما اعتقدوا بأفريقيتنا، اعتقدنا أنهم من الإنجليز لحمار بشرتهم وتوردها، وتلك العيون الصافية مثل قطرة زيت الزيتون، والشعر الأصهب الذي يميز أكثرهم، غير أحد الفاهمين من مجموعتنا، استدرك الوضع وقال: «هاي الحمرة من كثر أكل الطماطا»، وانبرى آخر يبدو أنه أفهم منه، مردفاً: «هاذيلا الأولاد والبنات شكلهم عيال هنجريه، وإلا هالنظافة والبياض من وين؟ والله من هالفلوس».
وحين جسر طفل منهم، وحاول أن يقترب منا أكثر، والفضول مستبد به تجاه زميل أسمر البشرة بدرجة ملحوظة، و«غزّه يلق في الشمس تقول حلواه عمانية»، خاتله حتى شخط بيده على وجهه، وتلمس يده، ثم ناظر ليديه إن كان التصق بهما شيء منه، ومن سواده، ساعتها ظهرت تعليقاتنا على زميلنا: «يتحسبك مشحمة طوبَيّ، وإلا خايس من السنون»، ضحكنا نهارها، وزادنا ذلك الشخص الفاهم، والذي كثيراً ما حاول أن يكون عريف الصف، فلم يفلح، ولا به من زود معرفة، ولكن لأنه دخل الصف الأول كبيراً، وبدأ شاربه في الاخضرار قبلنا، قال: «شفتوهم كيف لصقوا في برّوك، يفرّكونه، الحين ما لقوا غير برّوك يتبركون به»؟ فرد برّوك بغضب، مستوحياً بطلاً من السينما الهندية التي يعشقها: «لا تتحسب عمرك جتندر، وإلا دارمندر»!
كنّا صغاراً يومها، وكانوا هم من طلبة «طلائع الحزب»، جمعتنا تلك المدينة صدفة ببراءتنا، ودهشتنا، وفضول العمر الصغير نحو فضاءات جميلة في الحياة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates