تذكرة وحقيبة سفر  2

تذكرة.. وحقيبة سفر - 2

تذكرة.. وحقيبة سفر - 2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر  2

بقلم - ناصر الظاهري

جميل حين تصادف في المدن عيد ميلاد صديق أو عيد ميلاد المدينة، حيث يصادف اليوم الذكرى الواحدة والعشرين لتأسيس مدينة الآستانة التي بكل المقاييس حديثة وعصرية، وذات تخطيط وعمارة هندسية متنوعة، ويمكنك أن تختصرها في ثلاثة أيام، هكذا توحي لك لو كنت من رجال الأعمال، حاملاً تلك الحقيبة السوداء التي لا تعرف ما فيها، لكنك إن كنت تهوى المراكز الفنية والثقافية وتحب التظاهرات المعرفية، وتتذوق أطياب الحياة، فعليك التمهل، لأنك ستجد ضالتك في كثير من الأمور، بشرط صحبة أحد أهلها التي يغلب عليهم الطيبة والكرم والترحيب بالغريب، وتلك الابتسامة التي تحسنت بعد تلك الحقبة السوفييتية التي ما زالت تئن من وطأتها تلك الجمهوريات، ولعل من الشواهد الواضحة والحيّة في نفوس الكازاخ، لما تلقوه من القمع السياسي، والذي يمثله النصب الفضي المسمى «قوس الحزن» الذي بني تخليداً لذكرى النساء البائسات في معسكرات التعذيب «كولاغ»، وخاصة المعسكر الرهيب «الجير Alzhair» الذي قتلت فيه ثمانية آلاف امرأة، في الحقبة الستالينية، وكانت التهمة الجاهزة لتلك النساء أنهن زوجات رجال خونة، كانت تنتزع منهن الاعترافات بأن رجالهن على علاقة بالتخابر مع جهات أجنبية، وبالتالي خالفوا تعاليم الحزب، وخانوا الوطن، وأهانوا الأيديولوجيا، كانت نساء متعلمات وذات مهن رفيعة في المجتمع، لكن ذلك لم يشفع لهن أن يساموا سوء العذاب والإذلال الإنساني، وخلال تلك السنوات العصيبة كانت النساء تبني «بركس» أشبه بغرف الجيش في المعسكرات من الطين والقش، وتزدحم الأجساد فيه، في منطقة كانت تصل درجة الحرارة ثلاثين تحت الصفر شتاء، وصيفاً أربعين فوق الصفر، ولا يقدم لهن من الأكل إلا الحساء والبطاطا، ويساقون منذ الصباح حتى المساء في أعمال أشبه بعمال السخرة، ومساء يستسلمن للحراس، وإذا ما أنجبت الواحدة منهن طفلاً، يبقى معها ثلاثة أشهر فقط، بعدها يفصل عنها نهائياً في بيوت الأيتام، ولا يسمح لها بالاتصال به، لذا الكثيرون منهم خرجوا للحياة لا يعرفون أهلهم.
بعد تلك الزيارة إلى «الاجير»، ستخرج وأنت تحمل في رأسك تلك المأساة الإنسانية، وكيف يمكن أن يفحش الإنسان ويستأذب حد التحلل من إنسانيته وشرفه وكرامته.
لذا بعد تلك الزيارة، عليك أن لا تبقى في العاصمة والخير أن تذهب إلى المآتا أو تركستان الجميلة والبسيطة في كل شيء، لكن تجنب البعوض الذي يهجم عليك زرافات لا وحدانا، خاصة إن كنت تتحسس منه مثلي، وعليك إن كنت مثلي أيضاً أن تتجنب لحم الخيل وحليبه وخمره، لأنها من عاداتهم حين يرحبون بضيف يحبونه، ويرونه ممتلئ الخدود ويكاد يشبههم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر  2 تذكرة وحقيبة سفر  2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates