شحرور وغناء كالبكاء

شحرور.. وغناء كالبكاء!

شحرور.. وغناء كالبكاء!

 صوت الإمارات -

شحرور وغناء كالبكاء

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

بعض البشر مسخرون لدور كبير أو صغير، مهم أو يعدّ جزءا من التفاصيل، لكن لا أحد يمكن أن يملأ ذاك الفراغ في حينه إلا هم، محمد ديب شحرور كان يمكن أن يرتضي بتلك الشهادة الأولى من موسكو في الهندسة المدنية، معيداً نهاراً في جامعة دمشق، ومساء ينجز أعمال مكتبه الهندسي، ويظل يعيل أولاده الأربعة وأختهم، كان يمكنه بعد نيل الماجستير والدكتوراه في تخصص هندسي في ميكانيك التربة والأساسات من جامعة دبلن بإيرلندا، أن يعود إلى دمشق، ويظل منشغلاً في الأعمال الهندسية، وأشغال الدراسات الجامعية، ومواطناً صالحاً، وعائلاً مستريحاً، وموظفاً محترماً كما يليق بأي موظف عربي عالق بالوظيفة لكي لا يظهر له المستقبل وجهه البشع بدونها، غير أنها تلك الأسئلة الكثيرة والغائرة في قاع الذاكرة، ولا تريد أحداً أن ينبشها لكي تستيقظ من سباتها، محمد شحرور ترك كل تلك الأشياء وحافظ عليها أو على بعضها بمقدار، وغامر باتجاه الأسئلة بعيداً في التاريخ، وعميقاً في الإسلام، وغامر باتجاه تحريك الساكن والثابت، والمسكوت عنه، رافضاً الانصياع لقدسية شروح النص، وما تواتر من عنعنة، وما لحق بالنص من جرح وتعديل، اعتمد على تراكيب هندسية ولغوية في تفكيك النص، واكتشاف مكنونات سحر تربة الحروف وأساساتها، وما يفتح الله عليه من وهجها، ونور قدسيتها، محمد شحرور في مشروعه الثقافي كان يدرك أن الآخر المتعصب والتقليدي المحافظ لن يقولا: رضي الله عنه، بل سيرجمانه على قدر اجتهاداته بأحجار صغيرة وكبيرة، وسينبري له أصحاب صكوك الجنة ومفاتيح الغفران، وسيلقونه في نار جهنم خالداً مخلداً، أما حرّاس المِلّة، فسيبعدونه عنها ومنها، وسيرمونه بشرر، لكن لأنه منذور لفعل مغاير للخير، وفاتح جديد لأبواب موصدة على أسرار الإسلام وسماحته وجماليات نصه المقدس، ومجدد للخطاب الديني السائد والمتهالك والمتاجر به، والمركوب ركوب الدابة، فرح لما هو مقبل عليه، وغامر باتجاهه.
تعرفت على محمد شحرور من خلال إصداراته الأولى التي اعتكف من أجلها عشرين عاماً قبل صدورها في التسعينيات، وكان ضمن نقاشات مع أصدقاء كانت تضج بهم دمشق أيامها، وتشرفت بأن وضعته غلافاً لمجلة «الرجل اليوم» التي كنت أرأس تحريرها عام 2004 في شهر يوليو، بعنوان لافت صادع: «لا أقبل أن أجلس عند أقدام ابن عباس والشافعي»، وقد قال يومها للزميل «عساف عبّود»: هل متأكد أن مجلتكم قادرة على نشر ما أقول؟ فرد عليه: بل ونضعك كمفكر ومجدد غلافاً لها!
آخر مرة رأيته في معرض أبوظبي للكتاب، وبالأمس توفي في أبوظبي عن عمر يناهز الواحد والثمانين، قضاه من أجل الفكر الحر، وحرية التفكير، فلتهنأ أيها الشحرور الذي غناؤك كالبكاء في مدينتك دمشق التي تحب، والتي شهدت ولادتك، وشهدت رقودك الأخير بسلام وسكون، أنت الذي مجدت الإنسان وسلامه وإسلامه، وحرّكت الساكن والثابت وأسئلة الكون والوجود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شحرور وغناء كالبكاء شحرور وغناء كالبكاء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
 صوت الإمارات - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 06:44 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معرضان مهمان لحبيب جورجي وفنان فنزويلي في القاهرة

GMT 05:23 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

120 ألف زائر لـ " مهرجان دبي وتراثنا الحي "

GMT 12:47 2013 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحكومة تدرس إنشاء 4 مجمعات تكنولوجية

GMT 12:22 2013 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

750مليار دولار فاتورة تزود العالم بالنفط والغاز 2014

GMT 10:20 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

داغستان تحظر 40 موقعًا متشددًا من على "الإنترنت"

GMT 08:37 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

طرح "Hands of Stone" في دور العرض المصرية الخميس

GMT 17:55 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الطيور تستعين بأعقاب السجائر لطرد الآفات )

GMT 04:13 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سك العملة" تشارك بجناح في معرض القاهرة للكتاب

GMT 19:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates