عبث الحروب وما تفعله بالبشر

عبث الحروب وما تفعله بالبشر

عبث الحروب وما تفعله بالبشر

 صوت الإمارات -

عبث الحروب وما تفعله بالبشر

بقلم : ناصر الظاهري

ما أقسى فعل الحروب، وما تفعله في البشر، يتساوى فيها القتيل والمشرد، فكل واحد حمل أوزارها، واحد إلى قبره، دافناً أسرارها معه، والآخر إلى أشطان غربته، مع نفس معطلة، لذا حتى اليوم هناك قصص وسرديات عن الحرب العالمية الثانية تحكى ولا تعاد، ولعل ما ستحمله الحرب في سوريا، سيظل الرواة والحكاؤون يقصون قصصها التي لن تنتهي.. وحده القاتل سيظل ملاحقاً بأشباح الليل، يصعب عليه النوم، والتنفس بعمق إلا الحسرة، وتلك الأسئلة التي تلاحقه كظله الواهن.

ما أفرزته عبثية حرب سوريا تلخصه قصة أسرة انتزعت منهم ملكية مصنعهم، ونهبت أموالهم، وأبتزّهم الجميع، والكل كان يطرح عليهم حمايتهم، والمحافظة على حياتهم، مقابل جزية يدفعونها أو أتاوة مفروضة عليهم، ولأن حياة الأسرة أهم من كل شيء حين يطرح على الإنسان المفاضلة بين المال، وما يملك من متاع الدنيا، وبين الحياة وحفظ الكرامة، وطهارة الشرف،

لكن من يأمن ذئب طليق جائع على حملان ضعيفة، يمكن أن تبتز بالخوف والرعب والسلب، فدفعوا ما يملكون، ولم يسلموا من الأذى والذل وامتهان كرامة البشر، ثم فرّقوهم ليزيدوا من ابتزازهم، وصنع الدسيسة بينهم، أربع صبايا وخمسة شباب، كانوا قبل سنوات يخططون لمستقبلهم وحياتهم وتعليمهم وإدارة دفة أملاكهم وتجارتهم، واليوم يفكرون في عودتهم وعودة السلام لمدينتهم، ولمّ شمل تلك الأسرة التي كانت منعمة، في جنات تجري من تحتها الأنهار، والآن، وكأنهم لم يغنوا فيها، لا يريدون من الدنيا إلا فراق الحرب، وأن يضمهم منزلهم الكبير الذي ظل

ينتقل من يد زعيم مزيف، لزعيم حرب، ولقائد تنظيم، وهو اليوم بالتأكيد خراب، تفرق دم هذه الأسرة بين المدن، وقصص التقصي بحثاً عن بعضهم بعضاً، تدمع العين، وتفطر القلب، ابن في تركيا، والأم والأب في مصر، وأختان في الداخل حيث الضياع، وأخ ترك أخيه خلف موجة غيرت وجهتها، ولم يبق منها إلا صوت الأخ المسافر في عمق تلك الزرقة، وأخ وأخت في الأردن، وأخ يقال إنه قطع البحر للشمال، وانقطعت أخباره، وأخت جاء من يسترها، واستقرت في الخليج بعد رحلة شبه مستحيلة، الجميع عالق حيث هو، ولا اتصال أو تواصل أو شيّء يبرّد حرقة الجوف، ومع الأيام وقسوتها، وعتال ساعاتها المثقلة بالأسى، بدأوا يطحنون في دوامة أماكن لم يعرفوها من قبل، وظروف لم يعيشوها من قبل، ولا أمل يمكن أن يجلبه الدعاء، ولا صبر يمكن أن تعضده مرئيات في الأفق، ولا دمع يمكن أن تجففه ساعات الليل الطويل.

ليس أصعب من حرقة العزيز، وذل الكريم، وابتزاز المحتاج، وقصة هذه الأسرة النبيلة، هي واحدة من قصص عبثية الحرب في سوريا، وما تفعله في البشر!
المصدر : الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبث الحروب وما تفعله بالبشر عبث الحروب وما تفعله بالبشر



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates