هداية الاختيار 2

هداية الاختيار -2-

هداية الاختيار -2-

 صوت الإمارات -

هداية الاختيار 2

بقلم : ناصر الظاهري

كان الهدف من طرح التساؤل بالأمس، لما لا يثاب الأمين والشريف في المجتمعات مثلما يعاقب السارق والمختلس؟ هو البحث عن صيغة لخلق نوع من التوازن بين مفهومين أو صيغتين مهمتين في حياتنا، وسعيد هو من يحظى بهداية الاختيار، خاصة وأن مجتمعاتنا اليوم متحركة، وثوابتها متخلخلة، ويمكن أن تخلط الأمور أو تزين الوجه القبيح.

الشعوب والقوانين جربت دائماً وعلى مر الحضارات أن تعاقب الإنسان المخطئ بحق الآخرين، ولم تفكر مرة أن تثيب المحسن للآخرين، والنتيجة بقيت الأشياء غير الحميدة، والأشياء الحميدة تمشي في خطين متقاربين، فالسارق كثيراً ما يحسب أن عدم اكتشافه من الآخرين أكثر ترجيحاً من انكشاف وافتضاح أمره بينهم، لذا فهو يغامر باستمرار، وإن قبض عليه مرة، فقد ربح مرات، والسارق يملك مواهب الحيلة والمسكنة والخداع والتمويه، وهي كفيلة أن تخرجه من القيد أو الرسن، وقد تبيّض صفحته القانونية، أما الشريف فيقوم بالعمل الخيّر، ولا يرغب أن يعرف الناس عنه ذلك الفعل، ويسعى أن لا يظهر نفسه أمام الآخرين، على الرغم من أنه عمل حضاري وإنساني وذو قيمة أخلاقية عالية، ويفترض أن يكون عمله وشخصه قدوة تحتذى بها في المجتمع ومن الجميع، لكنه يرده خجل كرمه، ووداعة طبعه النبيل.

السارق في مجتمعاتنا اليوم أكثر شهرة وصيتاً من الأمين، خاصة حين يتباهى بمسروقاته أمام ضعاف النفوس وعشاق المظاهر والمقلدين العميان، وحين يعتلي مركزاً، في حين الشريف والأمين يتوارى خلف أعماله الصالحة، ويكاد لا يبين، ونريد بعد ذلك أن تستقيم الأمور، ونغلب الخير على الشر، وهنا أتكلم عن القوانين الفلسفية الوضعية وطبيعة المجتمعات المدنية، لا عن الأديان، ومسألة الجزاء والثواب في الدنيا والآخرة، وأن ما تعطيه بيمينك خيراً أن لا تعلم به شمالك، أريد أن نعليّ من قيمة الأمين، ونعمم فعله، ونمجد اسمه ليكون نبراساً في المجتمع، ومثالاً للأجيال الصغيرة، مثلما نعاقب على فعل السرقة، ونحقر شخص اللص، ونعده قدوة سيئة ومنبوذة. لقد ظهرت في قصص التاريخ العربي أو الأجنبي نماذج لأبطال شرفاء امتهنوا السرقة من أجل مساعدة الآخرين المحتاجين، فهم يسرقون الأغنياء من أجل دعم الفقراء، مثل أبي بصير في المدينة أو صعاليك العرب في الجاهلية وأغربتهم السود كالشنفري والسليك بن سلكة وثابت بن جابر القيسي الملقب بتأبط شراً، وجماعتهم الشعراء الصعاليك العدائين الذين قيل عنهم إن الخيل لا تلحق بهم، ومن أشهرهم «عروة بن الورد» و«عمر بن براق»، و«أسير بن جابر» أو مثل «روبن هود» في الأدب الإنجليزي أو العيّارين والشطّار في الأدب العربي المتأخر، هؤلاء كانوا يعتقدون أنهم يعملون صنعاً حسناً، وإن كانت سرقة، لأنه يتبعها عمل خير، مجاهرين بذلك، فبقوا حيين في الذاكرة!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هداية الاختيار 2 هداية الاختيار 2



GMT 16:40 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر

GMT 16:37 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

من بين الضجيج هديل يثري حياتك

GMT 15:10 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

ديمقراطيون وليسوا ليبراليين

GMT 15:06 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

عام زايد في النمسا

GMT 15:06 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

تحية الأبطال

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates