الانتماء الصريح

الانتماء الصريح

الانتماء الصريح

 صوت الإمارات -

الانتماء الصريح

ناصر الظاهري
بقلم :ناصر الظاهري

لعل من الأمور العصيبة التي تتعب الإنسان، وتثقل عليه، ولا تجعله حراً، وتؤثر في تفكيره، وتملي عليه إرادتها، وتعطل عليه عملية الاختيار، هي الازدواجية في الولاء والانشطار الداخلي قبل الخارجي، انشطار النفس، وتعدد ولاءاتها، وتذبذب اتجاهاتها، وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الأوطان أيضاً، وخير مثال، العراق والصومال ولبنان. ولبنان رغم تطوره المبكر وتقدمه الريادي على العالم العربي، إلا أنه اليوم، وبعد حربه الأهلية، ما زالت تتنازعه الانقسامات، والتشرذم والتشطر، وبالتالي هو مسلوب الإرادة، وبعيد عن الاختيار الحر، وقد ساهم في ذلك تلك الزعامات «التاريخية»، وتعدد مصالحها الشخصية، فالفرد في مثل تلك الدول تسحبه مرة الطائفة، فيعلو زعيقها على صوت الوطن، ومرة الدين والمعتقد الفكري، فيلغي المواطن الآخر المختلف، وقيمة الأرض، والعيش عليها، فينقص الوطن قوته، ويسهم في هزيمته، ومرة أخرى يرتفع بيرق الارتهان للأجنبي على حساب الولاء للأرض والوطن والناس؛ لذا تقديم ولاء الوطن هو الأساس الصحيح للتعايش بسلم وأمان، وتمكين النفس من التطلع لمستقبل واعد، ومتحضر يسوده الحب، ومحصن بالقانون، غير ذلك، ومتى ما اعتبر الفرد أنه يتمايز اجتماعياً، وطائفياً، ودينياً، وارتهاناً للأجنبي يتكئ عليه ليخرق القانون، ويستنجد به ليعينه على الخراب، وقطع اللُّحْمة الوطنية التي يقدمها كمصلحة فردية على المصلحة العامة والوطنية.
لقد جرب العرب عبر تاريخهم الطويل مثل تلك الولاءات، وانشطار الانتماء، والارتهان للأجنبي، والمحاربة عنه بالوكالة والتفويض، وذلك إبان نشوء مملكتي الغساسنة كحارسة لتخوم الإمبراطورية البيزنطية، والمناذرة كحرّاس لتخوم الإمبراطورية الفارسية، وتلك الحروب العبثية التي خاضوها بالنيابة عن آخرين، كذلك جرب العرب معنى الانتماء للأرض والدفاع عن العرض، وترك التشطر والارتهان، حينما اتحدت القبائل العربية وواجهت الفرس، وهزموهم في معركة «ذي قار».
اليوم ما الذي يحمي أميركا المتعددة الملل والنحل والأجناس والأعراق؟ لا شيء غير القانون الذي ذوّب كل الانتماءات، وصهرها في قالب وطني واحد هو الأمة الأميركية، لقد قامت حرب أهلية من أجل ذلك التوحد، والقانون الذي يعلو على الجميع، وحتى حينما كان هناك تمدد أحمر من خلال بث الفكر الشيوعي، حوّطت أميركا نفسها، وأفرادها بقانون يحظر ذلك الانتماء، ومتابعة وملاحقة المنتسبين له، والحجر على ممارساتهم، من حق الأوطان أن تعمل جاهدة لحماية نفسها وأفرادها، ومنع الانشطار في الولاء لها أو ازدواجية القسم لغيرها، لماذا إيران تحارب الأقليات الأخرى؟ وبعضها ليست بأقليات مثل شعب الأحواز، ولكن الظروف التاريخية والسياسية لعبت دوراً في كبتهم، وتقطيع أوصالهم، ودمجهم بالقهر والقوة في مناطق مختلفة من إيران، ومنعهم من التمتع بممارسة حريتهم الدينية واللغوية وتقاليدهم العربية، هل هو الخوف من الانسلاخ، والتشطر في الولاء، والارتهان للطرف الآخر؟ إن كان كذلك، فلِمَ تبيح إيران لنفسها ذاك الحق، بحجة الطائفة، واتباع ولاية الفقيه، وتصدير الثورة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتماء الصريح الانتماء الصريح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates