زمن الطيبين

زمن الطيبين

زمن الطيبين

 صوت الإمارات -

زمن الطيبين

بقلم : ناصر الظاهري

«شو صار في الدنيا، فجأة غابت الطيبة، والنفس الزكية، وتلك المرحبانية التي تسرّ الخاطر قبل أي شيء آخر، كان صفاء وود بين الناس، والكل شبعان وشرغان، حتى الوجوه تلقاها بخير، والشين من بعيد تشوفه العين، زمن كنت تتلقى عزيمة وعزيمتين في الأسبوع، وفِي مطاعم الفنادق الفخمة، هذا يريد يطاعمك من أكل مطعم جديد، فتح للتو، وآخر يريد أن يكسر الأسبوع بغداء مع صديق، الحين حتى على مطاعم البيتزا صاروا يستثقلونها الناس، يمر الشهر ما تستمتع بفطور شهي في ركن فندقي أو في إحدى ردهاته التي تستقطب السياح، ومن بقي فيهن شذى من صابون الصباح، ردهات تجدها باردة على الدوام، ورائحة مساحيق النظافة تعطيها جواً مختلفاً عادة ما يجلب لعينيك الوسن بعد فطور وفنجان قهوة، وقراءة غير عجلة لجريدة مجانية مستلقية على المسند الخشبي، فجأة غاب الأصدقاء كل في جحره، وما عادت المدينة لهم كما كانت، والجميع يتعلث بمشاغل الدنيا التي لا تنتهي، والهموم المنزلية، وأعباء أصبحت واضحة في الحياة، وكأن العمر حينما يتقدم سنوات إلى الأمام، يرمي بأعباء على كاهل الإنسان، فلا يعود كما كان خفيفاً، مرحاً، ويحب أن تزاغيه الأشياء، يا جماعة..

حتى الضحك والمزح قل، وثَمّ عبوس يشبه سحابة رمادية لا تحب أن تنقشع، لما صار الناس في هذا الوقت الشحيح جادين أكثر من اللازم؟ وكأنهم جميعاً مكلفين بالخدمة الذاتية، لم يعد أحد يمد يد العون لأحد، كله «هلب يور سلف»، أقولكم.. حتى الطَلّاب تلقاه يستحي الآن حين يمد يده يريد حسنة أو صدقة، ويخاف أن يجأر بالصوت طلباً لمعروف، فيجد نفسه، الطالب والمطلوب مستاءان من الظروف، ويشكوان غدر الوقت، ما عاد هناك موظف يفاجئ زملاء العمل بفطور، فقط لأنه في ذلك اليوم جاي على باله أن يفرحهم، ولو بشيء بسيط، الآن إذا لم تقل للآخر: إن شاء الله في ميزان حسناتك، تخاف تشرق باللقمة، وتغص بعظم، أين الزميلات في العمل؟ تلك التي تترك شيئاً من عطرها في آخر الرواق أو تكون عائدة من سفرة سريعة، وتجلب لك «ماغ» تعرف أنه سيعجبك ذكرى من تلك المدينة، غاب الجو العائلي في بعض أماكن العمل، فغدا النهار يبدأ بنميمة ستكبر حتى نهاية الدوام، غاب بائع الصحف من الشوارع، فماتت الجرائد، صار «السيستم» في كل مكان، وبدلاً من أن تسهل المسائل صار الـ«داون لود والأوفر لود» يحلّ محل، «تعال بعد ثلاثة أيام أو راجعنا بعد أسبوع»، الشباب من قوم عبّي بعشرين درهم، راحوا، الحين وإلا خدمة ذاتية وإلا ادفع عشرة دراهم، وعبّي بعشرة دراهم، حتى التسابق على السيارات الجديدة واللامعة وزوائد وملحقات ببن الشباب النضر، ما عادت، الحين السيارة كدّها دهر، ولا تخاف إلا من «توايرها»، سقى الله زمن الطيبين!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن الطيبين زمن الطيبين



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates