ذات صيف ماطر

ذات صيف ماطر

ذات صيف ماطر

 صوت الإمارات -

ذات صيف ماطر

بقلم : ناصر الظاهري

ذات صيف جميل، توافق أيامه البعيدة أيامنا الحاضرة، هبّت ريح باردة، واستقبلت العين مطراً من خير، فصيفها عادة ما يكون ماطراً، وعلى عجل، لكن بركات ذاك الصيف استبشر بها الأهالي، وباركوها كخير عميم، لا أذكر من ذلك الصيف التفاصيل فقد هربتها الأيام، ولَم يسمح بها العمر الصغير، غير أنها بعد عام حملتنا السيارات من العين إلى أبوظبي، وبتنا في مدرسة «محمد بن القاسم» لكي نشارك في العرض المدرسي في ملعب قرب «دوار الأشغال»، تخللته نشاطات طلابية، وألعاب رياضية ضاحكة، مثل الركض داخل «يواني العيش»، وعمل بعض «الأكروبات» الرياضية البسيطة، والأناشيد الغنائية احتفاء بالمناسبة، وذاك الحضور المبجل لحاكم إمارة أبوظبي الشيخ زايد، يومها كانت الاحتفالات بسيطة، أقواس خشبية تحمل كلمات الود والترحاب بـ«صاحب العظمة الحاكم»، والفرح بمناسبة «عيد الجلوس»، كانت تقوم بها بلدية أبوظبي التي أنشئت قبل سنوات قليلة، وغالباً من ينصبها نجارون باكستانيون على قلتهم تلك الأيام.
بعد عامنا ذاك، كنّا كطلبة ننتظر ذاك الاحتفال، ونقلنا إلى أبوظبي للمشاركة فيه، وفرح لقائنا بالشيخ زايد الذي يبقى اسمه يتردد كل يوم في بيوت الناس دعاء له، وذكراً لشمائله، وسعادة بخطواته التي بدأت تنقل الناس لحياة جديدة لم يعرفوها، وسعة في الرزق لم يعهدوها، غير أن ذاك العام وربما كان عام 1968، ألغيت تلك الاحتفالات نظراً للظروف المختلفة التي تمر بها الأمة العربية، لم نفهم يومها نكسة حزيران أو هزيمة 67 أو انكسار الزعيم العربي جمال عبد الناصر، وثنيه عن التنحي، ظل حلم الفرح الطفولي بالمشاركة في تلك المناسبة التي عرفنا فيما بعد أنها وطنية من خلال إذاعة وتلفزيون أبوظبي بإرسالهما الذي لم يكن صافياً تماماً، إنما يعتمد على رطوبة الجو، وقدرة «عرشة التلفزيون أو الأريل» أن يلتقط تلك الإشارة الضعيفة.
بعدها تسنى لي المشاركة في احتفالات عيد الجلوس قبل الانتقال لمدارس أبوظبي، وأتذكر أنني رأيت لثاني مرة زعيماً عربياً بعد الملك حسين في «المضيف» في العين، الرئيس السوداني جعفر النميري الذي حضر الاحتفالات، وبعدها بقيت أشارك فيها كل عام حتى قيام الاتحاد، وكانت العروض قد انتقلت إلى كورنيش أبوظبي، وكانت تتبع الاستعراض حفلات غنائية منها لأم كلثوم، وعبد المطلب وسميرة توفيق وهيام يونس ومائدة نزهت، وكثير من الفنانين العابرين.
عنّ عليّ ذاك الصيف، وعنّ عليّ ذلك الرجل الذي حرّك حجر الرحى مطالباً أن يلتقي ماء العين بماء الفجيرة، ويظلل الناس علم واحد، كان حلماً بحجم كل الخير الذي فيه، والسماحة التي تميزه، والطيبة التي يتحلى بها، وقدر أن يعبر بِنَا إلى سواحل أخرى، وآفاقاً جديدة لم ندرك سلامة الوصول إليها، عليه شآبيب الرحمة، ودعوات الناس التي لا تنقطع، وله خير الجزاء، وأجر الصالحين الأتقياء.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذات صيف ماطر ذات صيف ماطر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates