بقلم : ناصر الظاهري
اللبس والزينة في السفر، وفي غير وقته، ولا في محله من مفسدات السفر، تجد الأوروبي يسافر بـ«جينز وتي شيرت» والمرأة بـ«بيجامة رياضية»، كل ذلك من أجل الراحة، والاستمتاع في الجلوس والحركة، عندنا تجد العربي متزرراً ببدلة ثلاث قطع، وربطة عنق، ويظل يقاسي طوال سبع ساعات طيران، وكله يضيع في حمل الحقائب ورفعها، والمرأة منهن تجدها مرتدية كل القطع التي في الخزانة، وتصالق من فوقها إلى أخمص قدميها، تقول لاعبة سيرك في ذلك المطار، ويمكن أن تقشعها بالنظر من بعيد، الأوروبي لا يرتدي البدلة إلا إذا كان في سفر داخل أوروبا ومن أجل مواعيد رسمية يقضيها، ويعود أدراجه في المساء، وبعضهم تجده يحفظ تلك البدلة في كيس بلاستيكي يسحبها معه، إخواننا العرب يكون غادياً من أجل علاج، ويربط نفسه ببدل تصلح للمناسبات العامة، يغيب كثيراً عندنا التبسط والتأنق الرياضي الخفيف، معتبرين الثياب الغلاظ من قيمة الاحترام والتقدير، وهناك فئة لدينا تملك المال، لكنها لا تملك الذوق والأناقة، معتمدين ما يسهل عليهم من أمور بفضل ذلك البائع الذي يمدح بضاعته المغشوشة، فيجعل الزبائن يرتدون ذوقه وما يريد أن يصرّفه من بضاعة كاسدة، وربما يُلبس الزبون أشياء غالية ومن ماركات عالمية، لكن ليست في وقتها، ولا تتلاءم مع عمر ومكانة الزبون، فترى الواحد منهم يرتدي قميصاً حريرياً وقت القائلة أو قميصاً بنياً في الصيف، ولدينا فئة تجدها تركض خلف البضائع الغالية من أشهر الماركات العالمية، لكن إن رأيت أحدهم في الشارع، لن يعجبك، خاصة وأنه يضع على كاهله أكثر من تفكير وذوق مصمم، هي جميلة لوحدها لكن لو ركّبت المصمم الإيطالي على الفرنسي، فستبدو النتيجة غير مستساغة ولا مقبولة في عيون من يفهمون، تماماً مثل المرأة التي ترتدي ماركات تفاخر بها، لكنها في النهاية توليفة تشبه الحلويات الإنجليزية «ماكنتوش»، ما يزعج البصر اللون الذهبي على العربي أو الروسي أو الهندي حديثي النعمة فيبالغون فيه، مثل نجوم هوليوود السمر بتلك السلاسل المزدوجة ذات الوزن الخالص من الذهب في الصدر واليد والخواتم والأقراط، والساعات التي بحجم «صلّامة الهمبا»، وحين تضربه الشمس يظل يلألئ من مكان بعيد، الأوروبي حده خاتم زواج وسلسلة فقط، وحين يبطر يضع أسواره في اليد، والأوروبية سلسلة صغيرة وناعمة تتبع العنق الجميل، وتكاد لا تظهر من رفعها، وترتدي ثياباً من محلات عادية، لكن تعال وشوف الواحدة، كل شيء راكب، وفي محله، تراها الواحدة من جماعتنا، وتظل تتعجب، وتريد أن تسألها مباشرة من أين اشترت هذه الثياب الجميلة، والسر في القالب الذي هو غالب، وتلك البساطة التي تزين كل شيء، وتلك الأناقة التي يجب أن يتعلمها الإنسان، ويربي نفسه عليها، ويضفي لها من بريق شخصيته، شخصياً أنا أحب ملابس الصيف الشفافة الهفافة وأعشق خفتها، غير أن للشتاء دفئا تخبئه تلك الأردية الغلاظ، وعطراً يظل ساكناً لابداً في ذاك النسيج المتشابك.