بقلم : ناصر الظاهري
لا يمكن لي أن أنسى هذا الشعار الذي تبناه «المجمع الثقافي» قبل عقود، جاعلاً منه عنواناً رسمياً لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، وشعاراً للقوافل المكتبية المتنقلة في الإمارات والوطن العربي، كمشروع رائد لكسر عدم الاهتمام بالكتاب في الوطن العربي، وصعوبة توصيله ووصوله للناس، لأسباب تتعلق بالرقيب، وغلاء الأسعار، والحدود السياسية، وتلك الأمية المتفشية في أكثر من 40 في المائة من سكان الوطن العربي، إضافة إلى أمية المتعلمين الذين لا يجعلون من القراءة عادة يومية، غير أن ذاك المشروع تعثر فيما بعد، مثلما تعثر مشروع آخر رائد في المنطقة، وبرعاية من «اليونيسكو»، ضمن مشاريعها التي بلا ميزانية مدرجة وثابتة، بغية إشاعة عادة القراءة في العالم، وكسر الحواجز ومعوقات وصول الكتاب إلى الناس، وبالمجان من خلال مشاركة كبريات الصحف الصادرة في كل الوطن العربي بتوزيع كتاب على شكل جريدة مع صدور نسختها أول كل شهر، كتاب منتقى ومبسط ومشروح، ترافقه رسومات لأهم الفنانين التشكيليين العرب، في مزاوجة جميلة بين الحرف واللون، كان اسمه «كتاب في جريدة»، هذا المشروع كان ناجحاً للناطقين بالإسبانية، وفي الدول الفرانكوفونية، لكنه في عالمنا العربي بقي يجالد الظروف عشر سنوات، ثم توقف دون أن يمشي أحد في جنازته.
اليوم هناك مشروع كبير، «تحدي القراءة»، أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ضمن رؤاه التنويرية العديدة، ومشاريعه الرائدة، يدخل ضمن ما يعرف بالبرنامج السنوي اللامنهجي للطلبة العرب، بحيث تنال المدرسة المتميزة، جائزة بمليون درهم، من ضمن جوائز تحدي القراءة، والبالغة 11 مليون درهم، وينال المعلم المتميز 300 ألف درهم، بينما يحصل الطالب الفائز بلقب متحدي القراءة على 500 ألف درهم، وقد ارتفعت محصلة هذا المشروع التنويري العربي لتبلغ هذا العام عشرة ملايين من الطلبة العرب القرّاء.. تلك هم ذخيرة الأمة، ووعدها القادم، وبمشاركة 52 ألف مدرسة من أرجاء الوطن العربي في تحدي القراءة، طلب الحياة.
لكن لماذا القراءة دائماً.. وأبداً؟ لما نجهر بالصوت لها، ومن أجلها؟ لما نرغب أن نكرسها كعادة اجتماعية، ويومية؟ لأن القراءة معرفة، والمعرفة قوة، والقوة تعني السيطرة على شرور النفس أولاً، والسيطرة على ما تمكنك الحياة منه، وبالقراءة تودع الجهل الحقيقي، وتكون قريباً من الإيمان المطلق، تنبذ الآثام والشرور، وتذهب باتجاه الخير والحب والجمال، وقيم نبيلة في الحياة، من خلال القراءة نتطهر لنكون إنسانيين أكثر!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد