تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة وحقيبة سفر -2-

تذكرة وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

مما بقي من حديث ذلك القرين من الإنس الذي ألقيت عليه القبض ذات مرة، في ذات سفرة، وهو متلبس بالسعادة، يقول: بقيت أتوكأ على الأشياء التي تجلب الرضا، وتقودني للفرح، أشياء بسيطة في الخارج غير أنها كبيرة في الداخل، وتفعل فعلها بحيث لو ارتجّت الأرض تحت قدمي، لا أبالي، لأنها غدت من الثوابت الثقال التي ترزّني في الأرض، وتجعل كل الأمور تتساوى عندي وتتشابه، وهكذا بقيت منذ منتصف السبعينيات، وحتى اليوم أعيش سعادة متواصلة، وقناعة أبدية، وحين أجد صحناً واحداً لعائلتي، أتذكر بسعادة أنني بت جائعاً لأيام وليال، وحين يقرصني المال وقلته، أتذكر بسعادة أني ما زلت سليم البدن معافى، وحين يجحد امرؤ شيئاً مما عملت وقدمت له، أتذكر أنني فعلته بحب وصدق، ولا كنت أنتظر منه جزاءً أو شكوراً، وحين يتكالب الناس تكالب الأكلة على قصعتها، كنت أرضى من الغنيمة بالإياب، وحين يسوم الناس وجوههم لأشياء زائلة، أفرح أن ماء وجهي لم يهرق، وأن عزة نفسي لم تجرح، فتدخل السعادة عليّ، وكأنها ريح باردة مرسلة من بعيد.
وهكذا دائماً كنت أجد مفتاحاً صغيراً للسعادة في جيوبي، تعلمت الإنجليزية فأضفت سعادة أخرى على حياتي، وحضتني على لغات أخرى مثل؛ الفرنسية والإسبانية، يمكن أن تهديني لنوافذ مواربة على السعادة أجهلها، تزوجت ورزقت بطفل، وبنتين، ففرحت وسعدت بهم، وربيتهم فكانوا مصدر سعادتي، تعلموا ونجحوا، فكدت أطير من السعادة، أرسلت الولد للدراسة في الخارج ليتعلم، ويعلم نفسه، ويعتمد عليها، فكانت في داخلي سعادة لا يعادلها شيء، يتصل بي، ويخبرني عن تفوقه، وعن أشيائه الحميمية، فأقول لقد كبر الولد، وبدأ يفهم الحياة، وعليه أن يبحث عن معانيها، وسيرورة العمر هي الهادية والكفيلة بغربلة الأمور في رأسه، تخرج الولد واشتغل، فصارت أموره تسعد أمه وتسعدني، أقول بيني وبين نفسي أحمد الله أنه لم يقارب المخدرات، فأفرح وتكاد السعادة أن تدمع عيني، تزوج الولد فسعدت به وباختياره، سكن معنا في البيت فأضفى عليه لمسة من السعادة جديدة، رزق ببنت صغيرة، هي اليوم سعادتي الكبرى، والبنتان شقتا طريقهما في الحياة متفوقتين على نفسيهما، هما السعادة المختبئة في الصدر، وهما مصدر هطول الدمعة من العين، وهما نقطتا الضعف، استقرتا في بيتين مختلفين مع رجلين أحدهما لم أكن أحبه كثيراً، لكنه اختيار البنت الصغرى، وعليها أن تدافع عن اختيارها، هكذا كانت وصيتي لها، هي الآن أفضل منه في العمل والحياة، وحمداً لله أنها لم ترزق منه، البنت الكبرى، هذه تشبه أمها، وتعرف كيف تأتي بحقها، ولا أخاف عليها، لكن حين تقول: تعبت! تبكي عيني، لقد شخت اليوم مع عجوزي، وأنا سعيد بقناعاتي وحبي للخير، ومعرفة الإيمان الصادق.. لقد لقيت السعادة منذ أن فتحت بابها الواسع، وانتشلتني من وحل الغابات وحربها، وقالت لي: دونك.. أقبلت الحياة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates