بقلم : ناصر الظاهري
* هنيئاً للشارقة بإصدار مجلتها الثقافية التي جاءت تناسقاً مع توجهات الإمارة، وخطط باني نهضتها العمرانية المميزة، والتعليمية الكبيرة، ومشروعها الثقافي العربي المهم، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وتكميلاً للعمل الوطني الاتحادي في الإمارات، وهو جهد مشكور، وعمل محمود، فقط ما نتمناه «الشارقة الثقافية» أن تخرج من عباءة مجلة «دبي الثقافية» نحو فضاءات في الوطن أرحب، وحضور للصورة والبياض أكبر.. شكراً للفرح!
* لماذا حين نعود للمدن الحاضنة للولادة البكر، والمدن التي كانت مرتع الصبا، نشعر كلما دخلناها برائحة الطفولة، ودفء الأمهات، وتلك الطمأنينة التي تتسرب للصدر، جاعلة من يومنا شيئاً مختلفاً، وزارعة الأمل من جديد فينا؟ هل هي سكينة المهد، وفرحة الدهشة الأولى، وتعلم أبجديات الأشياء؟ لا شيء يعدل مسقط الرأس ذلك الذي يبقى عزيزاً في الداخل، ومسافراً معنا في الخارج، وحين ترجنا خطوات الحياة، لا نتذكر شيئاً مثلها، ربما لأنها المهد، وربما هي اللحد!
* لا أدري لم حين نلتقي بالمثقفين والمبدعين، تظهر أول ما تظهر خطوط التعب والمعاناة، والشكوى من حالنا، وما صار إليه مآلنا؟ ثمة حالة من عدم الرضا عن واقعنا، وخشية من المستقبل، وخوف من ضياع هويتنا، هل هم محقون في نبرة التوجس، ولا نقول التشاؤم، لا فرح يبدو على محياهم، وكأن كل أعمالنا إلى سراب، وخططنا التنموية والسياسية والاقتصادية والثقافية مصيرها العبث والعدم، هل قراءاتهم صحيحة للواقع؟ أم أن هناك ثمة أفق، ونور أمامنا، لا يرونه بفعل التراكمات القديمة، والانكسارات والهزائم المتعاقبة، وبفعل القطيعة بينهم، وبين الجيل الجديد!
* لقاء إذاعي ممتع في «أبوظبي كلاسيك» مع مصممة المجوهرات «عزة القبيسي»، وهي وجه إماراتي بدرجة سفير، ولنا الشرف في ذلك، لأنها تتمتع بموهبة فنية راقية، وغامرت باتجاهها، وأبدعت، وتميزت، وهي من خلال أعمالها تقدم الإرث المحلي بطريقة حديثة، ومغايرة، وقادرة على أن تتواصل من خلاله بالآخرين، وتنال إعجابهم، لذا هي تستحق الإشادة، وتستحق الدعم، وتستحق أكثر من ذلك، لأن المميزين في ساحتنا المحلية قليلون، ويتعبون، لكنهم لا يملون ولا يكلون، فغايتهم الأرض والوطن والنَّاس الطيبون، في ذلك اللقاء كانت «عزة القبيسي» بإنجليزيتها المتقنة والسلسة، كما هو فنها، أيقظت شيئاً جميلاً في الصدر، وكنت أعتقد أنها أمور غير مشتركة، فلكل منّا ليلاه، ولكل منّا غناؤه، وذلك حين قالت إن أغنية «فرانك سيناترا»، «غرباء في الليل»، تذكرها بعطلات عائلية في إسبانيا، هي كذلك بالنسبة لي، حينما كان هناك ليل ومطر وخطوات من فرح في شوارع مدن إسبانيا، وتلك الأغنية تصدح في أواخر ذات صيف، مرَّ مَرّ السحابة لا ريث، ولا عجل!