لصوص لحظة الغفلة

لصوص لحظة الغفلة

لصوص لحظة الغفلة

 صوت الإمارات -

لصوص لحظة الغفلة

بقلم : ناصر الظاهري

هناك أشخاص في هذه الدنيا من أنصاف المواهب، ومن مدعي الإبداع، يظلون يتلفتون يمنة ويسرة، ومن ثم ينقضون على أي فكرة عابرة، حائرة، طائرة أو يعتدون على رأي قاله آخر في عجالة أو يستولون على موضوع طرحه إنسان يريد الاستئناس برأي الآخرين، ومدى نجاحه، فيتلقفه صائدو الأفكار ولصوص لحظة الغفلة، قد لا ينتبه لهم الإنسان عادة، فهم إما متحمسون أو صامتون، لكن لديهم أذاناً مثل «مغارف الصَلّ»، وضميراً مستتراً تقديره «أنا»، لا تفوتهم شاردة ولا واردة، هم بامتياز لصوص اللحظة، معتدون على نجاح وإبداع الآخرين الغافلين.

ولأنهم فاشلون في الأساس، فما يلتقطونه من أفكار مبدعة، ومواضيع قابلة للنجاح، يسرقونها، ويطبخونها على عجل لتظهر مشوهة، وروحها معلقة بشخصها الأول، لأن لص لحظة الغفلة لا قدر أن يعمقها، ولا أن يجس مكنوناتها، ولا عرف كيف يطورها، فاكتفى بذلك النجاح البهرجي الذي لا يدوم طويلاً، ولا يمكن أن يصنع نجاحاً متعاقباً، فأعمالهم إما يتيمة أو خديج أو أنهم يتنقلون في مهن قابلة للعطب، ولا تفرض احترامها، وتدل على صاحبها ذاك الطباخ غير الماهر الذي اكتفى باسم الطبخة، وقرأ حساب الكميات بطريقة شفهية، وليس لديه من عندياته ما يمكن أن يجعلها مميزة ومختلفة وتأسر النفوس.
لصوص لحظة الغفلة يذكرونني بالمدن الكبيرة حين تتلقف قروياً بسيطاً أو فلاحاً صادقاً، يأتيها فاتحاً ذراعيه بالحب، وفمه بالدهشة، ولا يحمل خيانة، فتظل المدينة تسحب منه كل ما يمكن أن ينفعها في سمنتها وتكبرها وانتفاخها، وحين يجول فيها يصادف في طريقه أشياء كثيرة يعرفها، وتنتمي له، فلا يجسر أن يقول هذه لي، ومني، كيف هربت عني!
المشكلة أن لصوص لحظة الغفلة عادة ما تكون لهم سطوة أو مكانة أو هي مؤسسة هرمة، لا تقدر أن تقف في وجهها أو يمكنك مقاضاتها أو تشعرك أنه ليس من مصلحتك معاداتها، وغالباً لا تنصفك الأمور، فهي أكثر تصديقاً عند الناس منك، وهي في منزلة لا يشك فيها، وتبدو دائماً مترفعة عن الأمور، وعن الصغائر والصغار، فلو سطا تلفزيون على فكرة إنسان وحولها إلى برنامج جماهيري يحبه الناس، فمن سيصدق الناس، التلفزيون أم ذلك «المدعي» في نظرهم الذي جاء إلى المدينة من قرية بعيدة ليس فيها تلفزيون.
هكذا هم من يسطون على أفكار طائرة في لحظات من الصدق والأمان قالها صاحبها، فتلقفوها جاهزة في لحظة غفلة منه، وبسرعة عجيبة استغلوها، لتصبح في الغد على طاولة المدير، ولو تبناها المدير بدوره على أنها من أمهات أفكاره، فهذا الأمر لا يعنيهم، لأنهم سعاة بريد للمدير، وهم راضون بذلك، ما أكثرهم.. وما أبشعهم.. وما أقل خيرهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لصوص لحظة الغفلة لصوص لحظة الغفلة



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates