أسئلة صغيرة يخافها الكبار

أسئلة صغيرة يخافها الكبار

أسئلة صغيرة يخافها الكبار

 صوت الإمارات -

أسئلة صغيرة يخافها الكبار

بقلم : ناصر الظاهري

مرات أسئلة الأطفال مع نضوجهم العمري، وتفتح مداركهم بالمعارف وتنوعها تغدو سهلة ممتنعة، وتثبّت الأكتاف قانونياً، بعيداً عن أسئلتهم الافتراضية، كيف جئت؟ ومن أين؟ وإذا الله يحبنا، لماذا يموّتنا؟ هناك أسئلة كاشفة الغطاء، وكأنها أتت من جراب ناسك، ارتضى بالصوم والصلاة والتفكر والوحدة، أسئلة صغيرة يخافها الكبار، مثل الذي فاجأتني به تلك الصغيرة الشقية، ذلك السؤال الفلسفي الذي لا تدري عنه شيئاً، وربما أدركته ببراءة، وعمق الطفولة، لأن لا ممنوعات تحد لسانها، أو سقفا يلجم تفكيرها، لماذا الناس يكذبون؟ ويعرفون أنهم يكذبون، ولا يستحون! فأسقط في يدي، ودهشت، وكان لابد من قبلة من القلب، أفرّغ فيها عاطفتي، وفرحي الداخلي، وألتقط أنفاسي، وأحاول أن أخرج بحديث مقتضب، كأنه الحكمة، وأغلفه كحبة سكاكر، وأقدمه على طبق من فضة، لكن الحقيقة أن الجواب كبير، ويستعصي على الكثيرين شرحه، أو إيجاد المبرر له أو حتى فهمه، بقيت متأملاً في متعة السؤال، واستعصاء حضور الجواب، وهذه وحدها مدعاة لذلك التأمل اللذيذ الذي تستشعر فيه عذوبة المعرفة، ومعنى النور، فقط كنت أريد أن أفكر، دون أن أتكلم في الموضوع، وكأنه مفهوم، ومشبع في داخلي، لكنه ثقيل، وعصيّ على لساني، وهذا شأن تلك الأسئلة التي تخص الإنسان، والديمومة، وأسئلة الكون، والماورائيات.

سؤال الصغيرة أوقفني، هل نكذب لأننا مضطرون للكذب، أو أن أحداً يدفعنا أحياناً لكي نكذب، هل نكذب وقاية، وتقية؟ هل نكذب من أجل أن نجمّل حالنا، ونرفع من مقدارنا، ونعمي عيون الآخرين؟ هل الكذب حرب نفسية نشنها على الطرف المقابل من أجل فائدة ومصلحة لنا، وخاسرة له؟ هل في الكذب شيء من إرضاء غرور النفس الناقصة، والمتعبة، والكثيرة الهزائم؟ ترى كيف يمكن أن يمضي يوم أحدهم، لو سار دونما أي كذب؟ هل سيخسر الكثير، أم أنه سيكون متطهراً اليوم كله؟ نكذب، ولا ندري بكل تلك العمليات المعقدة التي يجريها الجسد في لحظات، من سخونة الدم، وسرعة دقات القلب، وتحفيز الجهاز العصبي، وكثرة الإفرازات، والضغط على القصبات الصوتية لكي لا تتغير نبرة الصوت، ولا نشرق، ولا نكح أو نتحنحن، محاولين أن نتوازن نفسياً لحظتها، وأن نتحكم في لغة الجسد المعبرة، كل ذلك المجهود الكبير، أتساءل كثيراً، كما تساءلت تلك الصبية، هل تستحقه الكذبة أو تساوي هي ذلك الاضطراب الجسد - نفسي؟! وإذا كانت الكذبة تساوي كل هذا العذاب الذي لا يدري به الكثير، فكم يا ترى يساوي الصدق، وكم يحرك من عضلات وأعضاء في الجسد، لكي يشعره أنه قادر على أن يقبض على السعادة، ويصدّرها للغير؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة صغيرة يخافها الكبار أسئلة صغيرة يخافها الكبار



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates