بقلم : ناصر الظاهري
دول العالم كلها، وأميركا أولها تضرّرت من أعمال العنف، والهجمات الإرهابية المريعة، والتي أصبحت تهدّد الإنسان، وحضارته اليوم، هذا العنف الذي قد يلبس أقنعة قديمة، وتاريخية، أو يلصق بجلباب الدين، أو الدعوة إلى التطرف، والإقصاء، فقد عانت وستعاني منه دول العالم كبيرها وصغيرها، والشرق الأوسط، والعرب، والمسلمون بالذات، حيث غدا الشرق مسرحاً
للعمليات الإرهابية، ومصدّراً للإرهاب، وزعزعة الاستقرار، والأمن العالمي، حتى المجتمعات الصغيرة، والنامية، وذات الدخول النفطية العالية، كمجتمعات الخليج، نجدها في معمعة الأحداث متأثرة، وخسائرها بالمليارات، ومتهمة حيث الفاعلون من أبنائها، وفاعلة حيث تحارب على أكثر من جبهة، متصدية للإرهاب، ولأن هذا العمل لا ينحصر فيها وحدها، بل يتطلب جهداً غير عادي، وشفافية بين أجهزة الاستخبارات العالمية، وتوحيد وجهات النظر بين اللاعبين الكبار، فما حدث في فرنسا، وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا أكبر من الجميع، وجاء من أصغر الجميع!
مقولة البيان الشيوعي الذي وضعه «ماركس وأنجلز» سنة 1848، «يا عمال العالم اتحدوا»، نستعيرها، ونقول: «يا دول العالم اتحدوا» ضد الإرهاب، لأنه لا يميز، هو كالنار تأكل اليابس ثم الأخضر، ولا بد من القضاء عليه، ليس بالصورة المطلقة، كما يتمنى المتفائلون، ولكن فقط تحييده، ومنعه من السيطرة على نفوسنا، وتخريب حضارتنا، وتهديد أمن الإنسان واستقراره،
وتفرغه للإبداع، والنجاح، والسعادة، وهذه أمنية العاقلين والمتعقلين، فالمطلوب تجفيف منابع الإرهاب الأساسية التي يتغذى منها، ويعتاش عليها، كالإتجار في السلاح، والمخدرات، والأدوية، وغسيل الأموال، وبيع الأعضاء البشرية، لو استطاع العالم بتضافر جهوده، وتنسيق عمله، وغلق حدوده، أمام تلك التجارة «الخماسية» غير المشروعة، والمربحة، لكانت تلك خطوة فاعلة،
وكبيرة في بناء سور السلم العظيم، وحصر المخربين، وقارضي جهود الإنسان الحضارية، في العيش خارج هذا السور، لينعم الداخلون بالجنة، والحضارة، ورفاه الإنسان، ويبقى الخارجون خلف الأسوار حيث النار وسعيرها!
كانت بعض الحكومات عربية وأجنبية، ومؤسساتها المختلفة والمتشعبة، هي من تشجّع العنف، والعنف المضاد الذي تحوّل في أواخر التسعينيات إلى مصطلح الإرهاب، واليوم وحين تغيرت الأمور، وانقلب السحر على الساحر، ظهرت تلك الحكومات، ومؤسساتها تتوجع، وتعاني من شرور التلاميذ الذين تعلموا، وكبروا على أيديها، ليوجهوا لصدورها أسنّة رماحهم، وهي نفسها التي كانت تشجع دولاً، وأنظمة على إشاعة الظلم الاجتماعي، والفساد السياسي، وإشاعة الجهل، ومحاربة الأفكار الإنسانية، والحضارية النيّرة، وطليعيّي تلك المجتمعات، ومثقفيها، ونعتهم بشتى الصفات، من أجل إقصائهم عن خدمة المجتمع، وإشاعة النور والعلم، ومحاربة الظلامية وطيورها، واليوم يستنجدون بتلك العقول الواعية، والرؤوس المدركة من أجل محاربة الشيطان الجديد، وإعصار سبتمبر وتوابعه!