تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

مثل مسافر حالم.. كأن بينه وبين القدس شبراً.. تسوقك الدهشة والتأمل، ولحظات من عدم التوازن على قدمين كلّتا من السفر والتعب، تدور عيناك يمنة ويسرة، تتفحص الوجوه المارة العجلى أو وجوه البائعين في الحوانيت، والمنادين في الأسواق، يهود ربما حريديون، أو سفارديم، بقبعاتهم السوداء، وجدائل شعر أسود فاحم أو محمر تتدلى على الأكتاف، أطفال صغار بـ«الكيباه سروجاه»، تراقب مشهد رهبان مسيحيين بملابسهم الثقيلة السوداء، ونعمة البشارة على وجوههم، حجاج بيت المقدس، يلوذون بكنيسة القيامة أو عائدون للتو من زيارة كنيسة البشارة في الناصرة، جميعهم جاءوا يوفون بنذورهم.

تسمع نفير بوق قرن العجل من جانب قصي، ويهود ملتصقون بالحائط، يتمتمون، وينوسون برؤوسهم إلى الخلف والأمام، يتلون مزاميرهم، ويدخلون في شقوق الجدار أوراقاً صغيرة، يخبئونها مع الأمنيات، والحكايات الضائعة.

لا تعرف كيف ترى هذه المدينة من داخلها أو خارجها؟ أبو علي بائع الصحف والكتب، الشاهد على المدينة وأحداثها، أبو الفضل الطويل بسيارته البيضاء ذات اللوحة الصفراء والذي يمكن أن يجنبك زحام القدس أو يدّلك على الخطوط الرفيعة اليوم بين حدود 48 و67 أو كيف تمددت إسرائيل بوطأة التاريخ على جسد جغرافية القدس وتسلقت جبالها.

تدخل شاقاً السوق، باعة الخضرة والفواكه، يصيحون: «تفضلوا يا عمي..».

تجتاز الأزقة الصغيرة، طريق قناطر خضير، باب السلاسل، غرفتا صلاح الدين، هما كل بيته، له ولخادمه، تبحث عن «زلاطيمو» محل الحلويات القديم، تشتهي مطبقاً بالجبن والعسل أو القطر، تلك الرغبات الطفولية المتمرغة بالسكر، ترافقك لكل المدن، تسلم على وجه عجوز ترف بالبشرى، وكأنه جار لصحابي من الأنصار، تسلم عليه وتقول: «وصفوا لي مطبق حلوى من الذي تعملونه منذ القدم على خشب الزيتون أو الحطب».

تدلف الدكان الصغير، فإذا هو يخبئ مكاناً واسعا، وتسأل البائع التسعيني: «يا عم.. من كم سنة، وأنت في هذا المكان؟».

«كان لأبوي زمان، عمره اليوم فوق المية وخمسين سنة، أولاد أعمامي هاجروا لبلاد كثيرة، وأولادي في الأردن، وإلنا عوايل في الخليج».

تودع البائع العجوز، وتسأله عن الطريق الموصل لمسجد قبة الصخرة، والمسجد الأقصى، تحوّل مقصدك نحو المسجد العمري، المطوق بسلك شائك حديدي على بابه، ومكتوب عليه: «ممنوع لغير المصلين»، تجوس تلك الطرقات الحجرية القديمة التي تمنيت ساعتها لو أنها لامست مطراً، فاعطتك تلك اللمعة التي تعشقها في مدن التاريخ، وكيف وهي القدس.. الراقدة في حضن التاريخ، والتي أخلّت بتوازن تلك القدمين ساعة وطئت أرضها، وقلت: بسم الله..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates