مثقفون غارقون في المصطلح

مثقفون غارقون في المصطلح

مثقفون غارقون في المصطلح

 صوت الإمارات -

مثقفون غارقون في المصطلح

بقلم : ناصر الظاهري

- لعل ما يميز بعض المثقفين تلك اللغة التي يتحدثون بها، ومن خلالها مع أمثالهم وأترابهم، فتأتي غليظة، سميكة، متقعرة، متخشبة، متفيقهة بغية الغلبة، وبزّ أقرانهم، وتأتي متعالية، مدرسية، وغامضة متعمدة حين يتحدثون لأناس أبسط منهم، وأقل وعياً ومعرفة، قد نلتمس لبعض من هؤلاء المثقفين لغتهم، لأنها متوائمة مع حياتهم، وتكاد لا تنفصل عن تفاصيل يومهم، غير أن البعض منهم من المدعين، هم الذين يشوهون اللغة، ويخلقون تلك الهوة، وتلك النظرة النمطية أن المثقفين في أبراج عاجية عالية، وغيرهم من سكان البسيطة يتوسدون حصر الأرض!
- بعض المثقفين لهم تعبيرات سمجة وتلوع الكبد، وتزيد من حموضة المعدة في الصباح الباكر، خاصة حين يصبّحك بذاك الوجه الذي تشعر أن ليس وراءه أي خير، وبعيد عن أي تفاؤل في الحياة، ويهفّك بجمل يعدّها مفيدة، وهي عندك رخوة، وغير مفيدة، مثل؛ «هناك مخاطية واضحة في الموضوع» أو «ما انفكت تلك الزلالية تزيد من عطانة المسألة» أو «لا شك أن الهلامية والضبابية التي تحيط بالموضوع تجعله خارجاً عن سياق ما بعد المفاهيمية»، وأشرب أنت من هالبارد عاد، ولو فتشت جيبه ذاك الحين، لن تجد فيه شروى نقير أو بحساب اليوم، وحسب صرف الدرهم الإماراتي مائتين وثمانية وسبعين درهماً!

- بعض المثقفين يشعرك أنه لا يجيد أحكام الوضوء، وتغيب عنه ذكرى غزوة الخندق، ولا يلتمس تاريخها الصحيح، وغارق في مصطلح العروبة، يلقاك صباحاً أو مساء، فيكتفي بأن يشير بيده ملوحاً من بعيد: «عمت صباحاً أو تبارك مساؤك»، وكأن الحبيب ما زال يعيش في حصون بني قريظة أو ما زال يرتقب وصول قافلة أبي سفيان من الشام!

- بعض المثقفين يعيشون الدور، فتجد الواحد منهم مثل الناسك البوذي لا يخصه بما يجري على سطح الحياة، ولا بما يحصل وفق إيقاع يومها، فلا يفرّق بين الغسالة والنشافة في البيت، ولا يعرف أن يدحرج أسطوانة الغاز، وحتماً تركيبها، وضبط الرَفّاس لتأمين سلامتها، أما «نفيجاتور» السيارة، بالتأكيد ما له خِصّ به، فهو عالة عليه، وعلى سيارته، وتجد هاتفه النقال من «الصغار»، مثل علبة «البسكوت»، من التي تودي وتجيب فقط، لا شاشة، ولا لمس، ولا منصات افتراضية، ولا تعاملات بنكية عبر النت، فقط هو غارق في مصطلحات كالهلامية، وزوايا حادة، ومنعطف تاريخي، والشكلانية، طيب سعر ربطة الخبز بكم إن كنت شاطراً!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مثقفون غارقون في المصطلح مثقفون غارقون في المصطلح



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates