بقلم : ناصر الظاهري
- غريبة علاقة الناس ببعضهم: منها علاقة الأخوة والصداقة والمصلحة، ومنها رفقة العمر، ورفقة السلاح، ومنها رفقة السفر، والزمالة، بعضها يبقى ويتطور، وبعضها يدفن بعد ساعات، وبعضها الآخر يبقى يراوح بين مد وجزر، ترى من أي صلصال عجنت علاقات البشر، أولئك الذين لا يمكنك أن تراهن على نفسياتهم، ودواخلهم!
- أحدهم تلتقي به في محطة السفر، وقد تودعه بعد ساعات بعد أن تتبادلا المعلومات غير الضرورية والسريعة، وبطاقات التعارف، ثم ينسى كل منكما صورة الآخر، وتغيب تفاصيل الوجوه في محطة الافتراق!
- أحدهم تلتقي به في مقهى أو مشرب، وقد يبوح كل منكما بأسرار وتفاصيل يريد أن يتخلص منها، ومن ثقلها ذلك اليوم، أو يريد أن يتطهر من رجسها الذي يلازمه أبد دهره، وبعدها تتوادعان، وقد لا تسمح الظروف ولا المدن الكثيرة بلقاء يجمعكما، مثلما جاء ذات يوم فجأة!
- أحدهم تلتصق به سنوات معدودة من فترات العمر، قد يكبر هو، وقد تبزّه أنت في دروب الحياة، وتكتشفان فيما بعد أنكما ما عدتما تصلحان أن تترافقا في العمر الجديد، لأنه سبقك بخطوات، أو أنت تأخرت عنه بخطوات!
- أحدهم تسحبه معك إلى تفاصيل مراحل العمر، تشعر بأنه ظلك، وأنه يماثل إيقاع حياتك الذي لا ينتظم إلا به ومعه، تكبران معاً، وقد تخرفان معاً، وتبقى الذكريات والتفاصيل الكثيرة، والأوجاع المشتركة على امتداد علاقتكما!
- أحدهم تنقطع علاقته بك لسبب صغير أو لسبب ظللت فترة طويلة تجهله، وكنت تتيقن أن مثل ذلك السبب لن يفرق علاقتكما، لكنكما تكتشفان أن السبب الصغير، قد يكون كبيراً وعميقاً، ويكفي أن يفرقكما!
- أحدهم تجبرك الظروف على أن تقول له: وداعاً من أول تعامل معه في أمور الحياة، فلا تأمل منه أن يثمن قيم الدنيا وأشياءها النبيلة، فيكون وداع ما بعده لقاء.
- أحدهم تحمله مثل صخرة سيزيف، يظل يثقل كاهلك وتتحامل على حمله، وتئن من ثقله صعوداً إلى قمة ذلك الجبل، وفي مسالك الحياة، يبقى هو يتدحرج لا مقدراً تعبك ولا جهدك ولا تضحياتك، وتبقى أنت تتحمل وتصبر، ولا تقدر على الفكاك منه!
- أحدهم يكون سطحياً بحيث يمكن أن يسمع كلمة من آخر أو من امرأة أو من غريم فيثمنك من كلامهم، ويحاسبك بردة أفعالهم، وكأنهم هم الأصدقاء وأنت العدو الوحيد الذي اكتشفه للتو!
- أحدهم حدّه السلام، وأحدهم حدّه جملة: «الله يسعده.. ويبعده»!