بقلم : ناصر الظاهري
بــاجــر الـعــيد بــنــذبـح الــبـــقـــــــــــــــــــــــــــرة
وبــنــعـشيّ خـمّـاس طـويـل الـمـنخــــــــرة
بهذا الهزيج كان أطفال زمان يستقبلون فرحة العيد، كان المدفع المنصوب عند قلعة الحصن يرّج المدينة بطلقاته الثلاث، إيذاناً برؤية الهلال، حيث يبدأ الأطفال يرقصون ويلعبون وينشدون، تدوّي المفرقعات، ويضيئون الليل بـ«الشرشار» و«الشلق» والألعاب النارية، ينطلق الناس إلى الأسواق، يبدأ الدبيب في البيت، وتنشغل النساء والبنات بـ«خم الحوّي» وتلميع التريكات و«الفناره» لإنارتها طوال أيام العيد، إنها فرحة ليلة العيد، أما بشائره فتبدأ منذ اليوم السابع والعشرين من رمضان، حيث تعمر الأسواق، ويقصدها الناس من بدو وحضر للتبضع والشراء والبيع، كان يطلق على هذه الأسواق سوق سبعة وعشرين، وثمانية وعشرين، وتسعة وعشرين، حيث يودع الناس شهر رمضان بقراءة ختم القرآن، ليفرقوها على أرواح أهلهم وذويهم ممن فارقوا دنيانا، أو يهبونها إلى أهل البيت الأحياء لتكون زاداً لهم في الدنيا، وأجراً في ميزان حسناتهم، أما التوديعة فتقرأ بعد صلاة التراويح، حيث يظلون يرددونها لمدة ثلاثة أيام، أواخر ليالي شهر رمضان، هذه التوديعة يبدأ مطلعها بـ :
وداعــــــــــاً وداعـــــــــاً يـــا رمـــــضــــــــــــــــــــــان
شـــهـــــــــــــر الصــــــــــوم والــغــــفــــــــــــــــــــــــــران
بعدها تبدأ طقوس الحناء التي كانت مفروضة على الصغار، أولاداً وبنات، لكن طريقة الحناء تختلف، فالغمسة للأولاد، والكصة للبنات، كان الأولاد يكرهون الحناء، لكن الأمهات يصررن عليه، خوفاً عليهم من الحفاء الذي يصيب الأرجل، ومن ثم ينتقل إلى العيون، كنا كثيراً ما نستيقظ أنصاف الليالي نبكي من الحناء، وتبرير اليدين منه، ومن الليمون والكاز وبعض المواد التي تخلط به، لكننا كنا نتحمله كي لا يعيرنا الآخرون في صباحية العيد بحنائهم وأثوابهم الجديدة، كانت الفرحة بالثوب الجديد والغترة الجديدة أو الطاقية المزرية، والتي عادة تكون من مدخرات شفايا الحج، والوطية الجديدة- النعال الجبلي، أم سير»- فرحة لا يعدلها شيء، كانت زينة الرجل ثوباً مورّساً - أي مصبوغاً بالورس أو العصفر- كي لا يتقادم بسرعة، ومحزماً وخنجراً، وعصا محناة، وإما يكون متعمماً بشال، أو يعقل غترته بخزام من الصوف، ومزين بالفضة في أطرافه، كذوآبة متدلية، أو بعقال مرعز مجلود، في حين كانت زينة المرأة الثوب الميزع أبو ذائل والكندورة المخورة و البادلة أم تليّ التي تزين عنق القدم والمشغولة بخيوط الفضة، أما الذهب فيتنوع بين المرية والشغاب أو المرتعشة وفتخ أبهام القدم، أما الشونكي والعجفة فهي تسريحة الشعر المخضّب بالياس والزعفران والبضاعة وأنواع الطيب لنساء من وطر جميل...