بقلم : ناصر الظاهري
الأسرار للأمهات، فصدورهن الوحيدة التي تتسع لكل المشاغبات والترهات والحماقات ومحاسن وأضداد الأبناء.. وكثير من تلك الأسرار يمكن أن تتحملها صدور الأخوات، فهن صنو الأمهات، وحاملات طيب قلوبهن أو كما تقول بعض الشعوب: سرك لا تدفنه إلا في صدر الأم والأخت، هكذا تقضي شريعة المجربين في الحياة، غير أن نقطة الضعف عند الإنسان هل يجب أن نعاملها وكأنها سر لا يشاع على الجميع، بل هو للحظوة، وأصدقاء الطاولة الصغيرة، وأولئك الذين إنْ دخلوا منزلك بسملوا، ودخلوا بالرجل اليمين، البعض يعتقد بأن نقطة الضعف، هي نقاط قوة في الشخصية، ويجب على الإنسان ألا يخفيها، بل يشيعها للقدوة، والبعض الآخر، يفضل أن تكون ضمن الدائرة الضيقة، لأن الكثير يعدها من مثالب الشخصية، لا من محاسنها، لذا عليك أن لا تشير بأصبعك إلى مواضع ضعفك، فيطمع فيك صديق قد يتحول إلى عدو غداً أو ينبشها عدو فيستغلها، ويلوي بها يدك أو قد يثقل بها أكتافك.
نقطة الضعف ليست كلها صفات سلبية، بل معظمها إيجابية، غير أن الناس تفهمها بطريقتها، فكم أتعبت الطيبة أصحابها الدراويش! وكم ألجم الخجل والحياء ألسنة الرجال! وكم أفلس الكرم والجود أيادي بيضاء ممتدة كانت للجميع! وكم أودت الشجاعة بالفارس والنبيل، وعاش الجبان لأمه، وعمرّ طويلاً!
نقطة الضعف هي التي وسمك بها، ونعتك بها الآخرون، أما أنت فتراها ميزة وصفة قد لا يتحلى بها الكثير، ولو ضربوا لها أكباد الإبل، لأنها نتيجة طبيعة وتربية أو ربما توارث جينات، لذا لا ينبغي للإنسان أن يخجل منها، ولو جاءت الطعنات منها، كأن تفعل الخير بنيتك، ويحسبها الآخر أنه استغلك وضحك عليك.
الديكتاتورية هل يمكن أن نعتبرها من نقاط الضعف في الشخصية؟ بلى، وبل هي من أوطى الدرجات، وأسهلها للاستغلال، ويمكن من خلالها استغلالك إذا ما عرف كيف يمكن أن تطربك الأمور، وعرف كيف يسيّرها ويزين لها، ويجعل من غواية الشر مدخلاً معتقداً للخير.
لكل منا أخطاؤه، ولكل شخصية أبواب صغيرة مشرعة، لكن علينا أن نعيها ونعترف بها بلا خجل، لئلا يبتزنا الآخرون من خلالها أو من خلال ذلك الشفيف الطفولي الذي يغلف شخصياتنا، ويجعلنا أسيرين تلك الأشياء الإيجابية، وربما عدها البعض سلبية، والتي لا نقدر على الفكاك منها، لأنها أصبحت جزءاً من شخصيتنا التي نعتد بها أمام الآخرين.