بقلم : ناصر الظاهري
«في ناس يسافرون، وينسون أنهم مسافرون، وبدلاً من الفرح الطاغي والظاهر عليهم، يبقون مغيظين في السفر على أبسط الأشياء، ويتنازعون، ويزعلون، ويضيعون سفرتهم، يا أخي.
. اكتم الغيظ، واستمتع بالرحلة الجماعية، وخلّك لين ما ترجع البلاد، فإذا راح الغيظ، طار الشر، وإلا تقدر تنزل «زيارينك» كلها يوم ترد البلاد، وتبدي العتب والندم، بصراحة.. في ناس تخرّج فلوسها على حرق أعصابها، ولا تدري»! «بعض الناس خالين من أي مهارات يدوية حتى لو ضرب أحدهم مسماراً، وإلا ركب «برغي» بيطلع اعوج، وما في فائدة تتحصل منهم، يبقى «الليت» محترقاً في غرفته بالأسابيع، ولا يفكر في تبديله، أما إن اختربت الغسالة أو الثلاجة، فسيشعر وكأنه هو المريض أو أن حرمته طامح لبيت أهلها، وهو كاليتيم، هؤلاء الخالين من أي مهارة يدوية يعيشون دوماً خائفين من الضياع والخراب والعطال أو أي عبء مفاجئ»! «لا أدري من ولمن نشكو بعض تلك الأمور التي تخرّب الصورة الجميلة التي نسعى ونحب جميعاً أن تبدو عليها دولتنا، وعاصمتنا، وسمعة الخدمات الحضارية والراقية التي تتوافر فيها، ولأضربن لكم مثالاً من أمثلة عديدة: في مطار عاصمتنا الجديد محل للصرافة، يجلس ذلك المحاسب
خلف نافذة ذلك المحل المؤجر من قبل المطار، ليقدم خدمات لمستخدمي المطار من المسافرين والعائدين، لكنه يفرض رغبات صاحب المحل، أو يملي شروطه على مستخدمي المطار، يرجّع زوجين من الأجانب أرادا صرف مائة دولار، فيرفض، قائلاً لهم: أن أقل مبلغ للصرف مائتا دولار، فيتعجب الزوجان الأجنبيان، ويتركان المحل، ثم تأتي مواطنة تريد صرف خمسين دولاراً
لتعطي سيارة الأجرة ما قيمته بالدرهم، لكن «دكان الصرف» يرفض أن يصرف الخمسين دولاراً، ويطلب منها أن تصرف كحد أدنى مائة وخمسين دولاراً، ورصيد المعاملة سيرسل بالإيميل، قال حفاظاً على البيئة، تنازعه المواطنة، لكن نظراً لحاجتها ذلك الحين ترضخ وتصرف مائة وخمسين دولاراً، وسط استغرابها وعلو صوتها، السؤال هل هذا التصرف شخصي نابع من
شراهة محل الصرافة أم من القوانين التي يفرضها المصرف المركزي على محال الصرافة في المطار، ونحن لا ندري، وغير معلقة الشروط في مكان واضح في المحل يقرأه الزبون، ليعرف ما له من حق وما عليه من واجب، وهذا أمر متعارف عليه في العالم، أم هي من سياسة المطار التي تسمح للمحال المستأجرة في المطار أن تتصرف كيفما تريد، ووفق ما يحقق مرابحها، ويشوه صورة الخدمات عندنا، وصورة بلادنا؟ أم أن السالفة سارحة والرب راعيها، ولا أحد داري عن أحد»؟