تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

بقلم- ناصر الظاهري

كنّا نشتكي نحن الذين تعودنا على المجتمعات الاستهلاكية وزيارات أوروبا الغربية من دول أوروبا الشرقية وخدماتها التي تشبه معسكرات الجيش وانضباطيته، فالمطاعم أكلها موحَدّ، وساعات تقديمها للأكل محسوبة، والمواصلات تمشي على الكاز، وسياراتهم خردة عسكرية، لذا لا تسأل عن رفاهية في أي شيء، لكن بالمقابل كانت رخيصة حتى مرات تصرف المائة دولار، ولا تخلص بسهولة حتى لو أفطرت كل يوم سمكاً، فالفيلا إيجارها في اليوم خمسة وثلاثون دولاراً، وبدلك الموظف المحترم بعشرين دولاراً، والمحاسبون في المحلات ما زالوا يعدون على الخرز الذي حاولت جاهداً أن أفهم طريقة حسبته، فلم أفلح، كانت في مجملها دولاً ذات طبيعة خلابّة، وما تهب الطبيعة من خيرات الأرض، وكانت غنية ثقافياً وفنياً، اليوم كم تغيرت هذه الدول، ولا تملك أنت الذي عرف المرحلتين، إلا المقارنة بين حال كان زاهياً رغم بساطة الحياة، وحال اليوم صار صاخباً وبنهم، ومضيّع البوصلة، ينطبق على كثير من ناسها ذلك المثل المحلي «محروم وطايح في عصيدة»، وكأن الغنى ومظاهره هي الغاية، ولا بد أن تظهر على الناس، ولو كان حالهم يرثى له من السذاجة، فالذهب بكميات ثقيلة على المرأة، وكذلك الرجل، والملابس ذات الماركات العالمية يزاهي بها في الأسواق والأماكن العامة، ترك الناس العمق الذي كانوا عليه، وذهبوا باتجاه السطحية والاستهلاك، وتسابقوا على البضائع المستوردة كردة فعل على صناعاتهم التي كانت متينة وذات أشكال كبيرة، لكنها تفي بالغرض، ولا تتعطل أبداً.

مشكلة هذه الدول رغم أنها سياحية من الدرجة الأولى أن الناس لم يتعودوا على رفاهية الخدمات وسرعتها، وحملها بصمة أرستقراطية، زادت أسعارهم، لكنهم لم يحسنوا خدماتهم، لأن الخدمات ثقافة من نوع آخر، وليست كل الشعوب يمكنها أن تكون ماهرة فيها، ويمكنها أن تبتدع كل يوم طريقة أفضل من أجل كسب زبون جديد.

يوغوسلافيا القديمة واحدة من هذه الدول، كانت موحدة أيام «تيتو»، واليوم تفرقت ربما لست جمهوريات بعد حروب أهلية وإقصائية، وبالكاد استقرت، حين تزورها تتذكر ظل العظمة القديمة، ويبقى يرافقك، مع هيبة الأمن المستتب في كل الأركان، لكنك اليوم تشعر وكأنك لا تعرفها، ولا كأنك كنت هنا يوماً ما، تظل تتشكى وتتذمّر من أشياء كثيرة لا تحصى، حتى الناس تغيروا، ويكادون للنقيض، وحدهم الجيل القديم تجده يحمل دهشته من الوقت الحاضر، وما آل إليه الوضع في بلاد كانت واسعة وقوية، ولها مهابة الدول الراسخة، فلا يملكون إلا أن يحملوا ذلك الترحم إلى قبورهم، فلن تعود تلك الأيام السالفة، وثمة ضياع واضح في الشارع، وبين الأجيال الجديدة، اختفت الجدية، وأخذ الأمور بحزم وعزيمة في الحياة، ونشدان التفوق في مسائلها المختلفة.

الدول حين ينهار نظامها، يصعب عليها لملمة حالها، خاصة حين يكون الانهيار نتيجة قوى خارجية طامعة، ونتيجة فساد كبير في الداخل، تجتمع كلها، وتصبح هي المسيّرة للحياة الجديدة، وينشطر المجتمع بين جيل يحنّ للماضي، وجيل يتطلع لحياة مختلفة ولو كانت على حساب القيم والأخلاق القديمة، ونسيان التاريخ، والتبرؤ من معظمه، والتسامح مع الجغرافيا وانشطاراتها المهلكة أحياناً لمثل هذه الدول.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
 صوت الإمارات - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 06:44 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معرضان مهمان لحبيب جورجي وفنان فنزويلي في القاهرة

GMT 05:23 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

120 ألف زائر لـ " مهرجان دبي وتراثنا الحي "

GMT 12:47 2013 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحكومة تدرس إنشاء 4 مجمعات تكنولوجية

GMT 12:22 2013 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

750مليار دولار فاتورة تزود العالم بالنفط والغاز 2014

GMT 10:20 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

داغستان تحظر 40 موقعًا متشددًا من على "الإنترنت"

GMT 08:37 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

طرح "Hands of Stone" في دور العرض المصرية الخميس

GMT 17:55 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الطيور تستعين بأعقاب السجائر لطرد الآفات )

GMT 04:13 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سك العملة" تشارك بجناح في معرض القاهرة للكتاب

GMT 19:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates