الحيلة اللغوية الملغومة

الحيلة اللغوية الملغومة

الحيلة اللغوية الملغومة

 صوت الإمارات -

الحيلة اللغوية الملغومة

بقلم : ناصر الظاهري

لعل كتاب «الحِيَلّ» المفقودة بعض أجزائه من الكتب العربية النادرة، وقيل إن «ميكافيللي» تأثر به في كتابه «الأمير»، لكنه يختلف عن حيلة اللغة، حين تزخرف بعض الكلمات لتستر عيوبها، وتزينها في عيون مستخدميها، بصراحة.. لست ممن لهم باع طويل في الاقتصاد، ويعتقدون أن الرشوة هي أس الفساد، كما يعتقدون أن ضياع المحفظة الشخصية مثل الأزمة العالمية، في النهاية تخرج صفر اليدين أو خاوي الوفاض أو على الحديدة، وقد أعجبتني اللغة حين تستعمل خبثها في التحايل على الرشوة التي يمر اليوم العالمي لمحاربتها في مثل هذا الشهر من كل عام، دون أن يتذكره أحد إلا الجمعيات التي تأسست لمكافحة هذا الفساد المستشري في المجتمعات التي تعطي الرشوة مسميات كثيرة، ومعاني مبهرة ومبهمة، لا تلوث اليد، ولا تعطن الجيب، بحيث يقدم الراشي للمرتشي الرشوة مغلفة بورق لغوي وتحايلي ومسكوت عنه من الطرفين!

البعض يسميها حصة، والآخر يطلق عليها عمولة أو كمسيون أو نظير الجهد أو إتاوة، أو إكرامية أو لزوم الشيء أعلاه أو أدناه، لكن الكل يرفض أن يسميها باسمها، لأنها كلمة ثقيلة، وفجة، ويعاقب عليها القانون، وتنبذها الأديان السماوية، وتتبرأ منها النظريات الفكرية والأخلاقية، لذلك ابتدعت الشعوب لها مسميات مختلفة: الفرنسيون يدلعونها بكلمة مركبة «بور بوار» أي من أجل الشرب أو كلمة بخشيش ذات الأصل التركي أو بقشيش - كما تنطق عند الفرس والأتراك- وشعوب أخرى تسميها تنفيعة، واليمنيون يطلقون عليها السلط، وهو المال والزيت أو يستعملون المصطلح الدارج «نشتي حق بن هادي» وأهل بلاد الشام يسمونها الحلوان ويشتركون مع العراقيين بتسميتها البرطيل، وهي أيضاً ذات أصل تركي، وأهل المغرب يعرفونها بـ «التدويرة أو قهيوه» والجزائريون يقولون: أعطه كمون أو قَهويه، والتونسيون يطلقون عليها خَمّوس وعَشّور، أي انقده من فئة الخمسة أو العشرة دنانير، والسودانيون يسمونها بلصة، أما المصريون، فقد أعياني البحث من كثرة مسمياتها المضحكة والشعبية المتسترة، حتى أنهم يبتكرون لها كل جيل مسمى يتماشى مع مرحلته ووقته، والخليجيون يقولون: ادهن سيره أو باطه أو بخّه أو رشّه!
فاللغة قادرة على أن تطرح سترها على الأشياء بخبث من أجل ألا تعيق ما يريده بعض الناس في المجتمعات، وقادرة على أن تمارس فعل الغواية بحيث تخدع من تريد، ومن يريد من الناس، فتصوغ لهم عبارة خفيفة الوقع على النفس، فلا تظهر تلك النفس اللوامة عندهم، مثلما تظهر حين تقدم لهم بمفرداتها الصريحة الفجة، فاللغة أكثر أدوات الخداع وأمهرها، وخاصة فيما يخص مفردات اقتصاد اليوم، بحيث لا تظهر بشاعتها إلا إذا ظهرت أزمة اقتصادية عالمية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحيلة اللغوية الملغومة الحيلة اللغوية الملغومة



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates